الوحي أن القوم يلجؤوكم إلى هذه الحديقة ويكون قتالكم معهم في جوفها ، فقال له بعضهم : فأين ما وعدتنا من ربك بأنه ينصرنا على عدونا ، وأن هذا الدين الذي نحن فيه هو الدين القيم ؟ فقال مسيلمة : أما الدين فلا دين لكم ، ولكن قاتلوا عن أحسابكم . تظنون أنا إنما كنا نقاتل إلى . . . [1] ونحن على الحق وهم على الباطل ، إنه لو كان ما تظنون إذا لما . . . [2] أحد جمعنا . قال : ثم جعل مسيلمة يرتجز . قال : فعند ذلك علم القوم أنهم كانوا في غرور وضلال من استمساكهم بدين مسيلمة ، وجعل رجل منهم يرتجز . قال : فاقتحم المسلمون بأجمعهم على مسيلمة وأصحابه فقاتلوهم حتى احمرت الأرض من الدماء . قال : ونظر وحشي [3] غلام جبير بن مطعم بن عدي إلى مسيلمة وقد ألجأه المسلمون إلى جانب الحديقة فقصده وحشي وقصده أيضا رجل من الأنصار يقال له : عبد الله بن يزيد ، [4] ونظر إليهما مسيلمة وقد قصداه فحمل عليهما ، ثم بدره الأنصاري بضربة على رأسه فأوهنه ، ورماه وحشى بحربة كانت في يده فوقعت الحربة في خاصرته فسقط مسيلمة عدو الله عن فرسه قتيلا [5] . قال : وتصايح الناس من كل جانب وقالوا : ألا ! إن مسيلمة عدو الله قد قتله عبد أسود وهو وحشي غلام جبير بن مطعم . قال : وجعل وحشي ينادى : أيها الناس ! أنا وحشي غلام جبير بن مطعم ! قتلت خير الناس وأنا كافر - يعني حمزة بن عبد المطلب رحمة الله عليه - وقتلت شر الناس وأنا مسلم - يعني مسيلمة الكذاب - ، قال : ثم أنشأ الأنصاري [6] . قال : ودفع بنو حنيفة جانبا من حائط الحديقة فهدموه وخرجوا منها والسيف يأخذهم ، وأقبل خالد بن الوليد حتى دخل الحديقة ومعه جماعة من
[1] بالأصل مطموس ، ولعله : إلى إظهار هذا الدين . [2] بالأصل مطموس : ولعله : إذا لما فرق . [3] هو وحشي بن حرب الحبشي ، أبو دسمة وهو من سودان مكة مولى طعيمة بن عدي وقيل مولى جبير بن مطعم بن عدي قاتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه يوم أحد . كان يقول : قتلت خير الناس في الجاهلية وشر الناس في الاسلام ( أسد الغابة ) . [4] في تاريخ خليفة : عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب من بني مازن بن النجار . وفي البداية والنهاية 6 / 357 : أبو دجانة الأنصاري سماك بن خرشة ، ضربه بالسيف فسقط . وانظر تاريخ اليعقوبي 2 / 130 . [5] كان وحشي يقول : ربك أعلم أينا قتله ! ( وقد ضرباه سوية فلا يدرى ضربة من منهما أصابته أولا ) . [6] كذا ، وقد سقط كلامه من الأصل .