الأيسر [ و ] خرجت من عاتقه الأيمن ، فعند ذلك كبر المسلمون ، وناداه خالد : لله درك أيها الأمير ! ارجع إلى رأيتك فقد قضيت ما عليك ، فلم يرجع فأقسم عليه المسلمون أن يرجع إلى مقامه فرجع وأخذ الراية من خالد . فنظر ماهان إلى جرجيس [2] قد قتل فعظم عليه ذلك ، فصاح بقومه وجمعهم إليه وقال : اعلموا أني ما تركت جهدا في نصرة هذا الدين وقد حاميت جهدي ، وما أقدر أغالب رب السماء ، لأنه قد نصر العرب علينا وملكهم بلادنا ، فما لي وجه أرجع به إلى هرقل حتى إني أخرج إلى الحرب بنفسي وقد عزمت أن أسلم الصليب إلى أحدكم وأبرز إلى قتال المسلمين ، فإن قتلت استرحت من العار ومن توبيخ الملك ( 2 ) . قال : وبرز ماهان فخرج إليه رجل من دوس ( 3 ) فقتله ماهان ، وخرج إليه ثان فقتله ، وجال ماهان وقوى قلبه ودعا بالبراز ، فسارع المسلمون إليه وكل يقول : اللهم اجعل قتله على يدي ! فكان أول من برز إليه مالك النخعي ثم حاوله في ميدان الحرب ، فقال له ماهان : أنت صاحبي خالد بن الوليد ؟ قال : لا ، أنا مالك النخعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمل على مالك ، ضربه بعموده على بيضته فغاصت البيضة في جبهته فشترت عينه ، فمن ذلك اليوم سمي ( الأشتر ) وكان من فرسان العرب المذكورة ، فصبر نفسه وحمل على ماهان والدم يسيل من جبهته ، وأخذته أصوات المسلمين فقوى عزمه . قال مالك : فاستعنت عليه بالله عز وجل وصليت على محمد صلى الله عليه وسلم وضربته ضربة عظيمة فقطع سيفي فيه قطعا غير موهن ، فلما حس بحرارة الضربة ولى منهزما ، فصاح خالد بالمسلمين : يا أهل الصبر ( 4 ) والبأس ! احملوا على القوم ما داموا في دهشتهم ، ثم حمل خالد ومن معه وحملت الامراء بمن معهم وتبعهم المسلمون بالتكبير والتهليل ، فصبرت لهم الروم بعض الصبر وغابت الشمس وانكشفت الروم منهزمة وأخذهم السيف من ورائهم ، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة زهاء مائة ألف ، وأسروا أربعين ألفا ، وغرق منهم في الماء غوصة
( 1 ) الواقدي : من علائقه . [2] زيد عند الواقدي 1 / 224 وإن رزقت النصر وأثرت في المسلمين أثرا ورجعت سالما علم الملك أني لم أقصر عن نصرته . . . ثم دعا بابن له فدفع إليه الصليب . ( 3 ) عند الواقدي : من الأوس . ( 4 ) عند الواقدي : النصر .