قال : وجعلن يحرضن على القتال ، فرجع المسلمون رجعة عظيمة عند ما سمعوا من تحريض النساء . قال : وصرخت هند بنت عتبة وفي يدها مزهرها بين الصفين تحرض المسلمين على القتال وهي تقول الشعر الذي قالته في يوم أحد وهي هذه الأبيات : نحن بنات طارق * نمشى على النمارق مشى القطا الموافق * ان تقبلوا نعانق أو تدبروا نفارق * فراق غير وامق كل كريم عاشق * يحمى عن العواتق تعنى بقولها ( بنات طارق ) النجم زحل ، وتقول في قولها : نحن المخدرات اللواتي لا نبرز من البيوت إلا بالفسق . ثم استقبلت خيل ميمنة المسلمين فرأتهم منهزمين فصاحت بهم : إلى أين تفرون من الله وجنته وهو مطلع عليكم ؟ ونظرت إلى أبي سفيان وهو منهزم فضربت وجه حصانه بعمودها ، وقالت : إلى أين يا بن صخر ؟ ارجع إلى القتال وابذل مهجتك حتى يمحص الله عنك ما سلف من تحريضك على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الزبير بن العوام : لما سمعت كلام هند لأبي سفيان ذكرت يوم أحد ونحن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تحرض المشركين بهذا الشعر على قتال المسلمين ، فتعجبت من ذلك وقلت : لك الحمد ، اللهم تفعل ما تشاء ، سبق علمك في خلقك ولا يعلم الغيب غيرك . قال : فعطف أبو سفيان عندما سمع من كلامها وعطف المسلمون معه ونظروا النساء قد حملن معه ، فلقد رأيتهن وهن يسابقن المسلمين وهن بين أرجل الخيل ، ولقد رأيت الامرأة تقبل إلى العلج العظيم وهو على فرسه متعلق به فلا تفارقه حتى تنكسه عن الجواد ثم تقتله ، وتقول : هذا بيان نصر الله . قال الزبير : فحمل والله المسلمون حملة صعبة لا يريدون بها غير وجه [1] الله عز وجل ، وقاتلت الأزد مع أبي هريرة رضي الله عنه قتالا شديدا حتى فشا فيهم القتل فأصيب منهم خلق كثير إلا أنهم لقوا الصدمة بأنفسهم ، فاستشهد منهم ما لم يستشهد من غيرهم من القبائل .