شيئا ، لا بل لعل الوالي أن يكون أقرب إلى الفتنة من رعيته إلا من عصم الله ، وبعد فإني قد وليتك الحرب وجعلتك على أعنة الخيل والسلام [1] . قال : ثم عبى أبو عبيدة الناس وزحف بهم إلى أبواب دمشق ، فأحاطت الخيل بدمشق من كل جانب فضيقوا عليهم غاية الضيق [2] . قال : فعندها نقلت الروم وخرج القنفلان صاحب دمشق في جمع عظيم من الروم إلى محاربة المسلمين ، فاقتتلوا قتالا شديدا . قال : وجعل المسلمون يقاتلون ويتأخرون إلى ورائهم ويطمعونهم في أنفسهم حتى بلغت بهم الروم إلى داريا [3] على فرسخ من دمشق واشتبك الحرب هناك . قال : ونظر صفوان بن المعطل إلى رجل من الروم عليه بزة حسنة وحلية ظاهرة وسلاح شاك ، فحمل عليه صفوان فطعنه طعنة نكسه عن فرسه قتيلا ، وإذا امرأة الرومي عليها سلاح شاك من وراء زوجها فلما نظرت إليه قد صرع عن فرسه حملت على صفوان بن المعطل ، قال : وعلم صفوان أنها امرأة فأومأ إليها بالسيف ولم يضربها لكنه حمل عليها ، فولت المرأة من بين يديه ، ونزل صفوان إلى الرومي فسلبه ما كان عليه من بزه وسلاحه ، واستوى على فرسه [4] . قال : ثم اجتمع المسلمون في موضع واحد وحملوا على جمع الروم حملة
[1] في الطبري عن ابن إسحاق أن أبا عبيدة لم يعلم خالد بعزله إلا بعد فتح دمشق ، وقد جرى الصلح على يدي خالد وكتب الكتاب باسمه . وانظر فتوح البلدان ص 128 . [2] انظر بشأن تشديد الحصار على أبواب دمشق والقوى التي تولت ذلك فتوح الشام للواقدي 1 / 70 وفتوح البلدان ص 127 . والطبري 3 / 438 . [3] قرية كبيرة مشهورة من قرى دمشق بالغوطة ( معجم البلدان ) . [4] وقال صفوان في ذلك : ولقد شهدت الخيل يكثر وقعها * ما بين داريا دمشق إلى نوى فطعنت ذا حلى فصاحت عرسه * يا بن المعطل ما تريد لما أرى فأجبتها أني سأترك بعلها * بالدير منعفر المناكب بالثرى وأرى عليه حلية فشهرتها * إني كذلك مولع بذوي الحلى ( فتوح الأزدي ص 105 ) .