نام کتاب : الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 343
على ندب زيارة الحسين عليه السلام والحثّ على ذلك ولو في ظروف الخوف على النفس أو العرض أو المال ، وقد استظهر منها جملة من الأعلام عمومَ جواز الإقدام مع الخوف والرجحان في مطلق أفراد الشعائر الحسينيّة ، وسيأتي تقرير ذلك . الشاهد الثالث : المصادر التي ذكرناها في البحث الروائيّ للبكاء . . أوّلها قصّة يعقوب في سورة يوسف . . ( وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَينَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيم * قَالُوا تَاللهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ) [1] . . فواضح من الآيات أن النبيّ يعقوب عليه السلام حزن حزناً شديداً ، وهو فضيلة التشوّق من نبيّ لآخر لا إلى جهة البنوّة فقط . . وإلاّ فإنّ بقية أولاد يعقوب بنون أيضاً . . وإنّما من جهة تشوّق النبيّ لنبيّ آخر وحبّ في الجمال المجسَّم في ذلك النبيّ الآخر . . فإيقاع النبيّ يعقوب نفسه في الحُزن . . مع أنّه حينما اشتدّ به الحزن والأسى إنتقده الآخرون حتّى أهله وبنوه ولكن في تصوّرهم الخاطئ . . أنّ هذا الفعل يؤدّي به إلى أن يكون حرَضاً أو يكون من الهالكين . . ( وَابْيَضَّتْ عَينَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيم ) وفي البكاء الشديد والحزن المستمر ، معرضيّة تؤدي إلى الحَرَض أو إلى الهلاك . . وبعد ذلك ، حصل بياض العينين فعلا ، وقد عميت العين . . ومع ذلك يقرّر القرآن قول يعقوب ، وهو قول نبيّ من الأنبياء أن هذا أمرٌ فضيليّ ، وليس بأمر مذموم . . والحاصل أنّ إيقاع النبيّ يعقوب نفسه في هذه المعرضيّة ليس فيه أيّة حريجة ، بل بالعكس كان ذلك منه فضيلة . . ( وَابْيَضَّتْ عَينَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ