نام کتاب : الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 295
نعم ، هذه في سلسلة النشأة الأخرويّة . . وأمّا ما لا يصبّ في سبيل النشأة الأخرويّة فيذمّه القرآن أشدّ ذم . . ويخصّص شطراً كبيراً منه بذمّ الفرح إلاّ ما كان قد تعلّق بالتشوّق إلى الجانب الأخرويّ . . وأمّا الخشية والخشوع اللذان هما صفتان وفعلان نفسيّان قريبا الأفق من البكاء ، فهما صنفان يتلازمان ويتزامنان مع البكاء . . والآيات المادحة لذلك كثيرة جداً [1] . . الخشية أو الخشوع والإشفاق حالات نفسيّة من أفعال الجانب العمليّ في النفس ، وتكون مقرونة بالبكاء ، بل في أكثر الأحيان ناشئة منه ، ولا تنفكّ غالباً عنه . . وإذا كان ما هو ناتج عن البكاء مستحبّاً وراجحاً ومرغوباً فيه في الشريعة . . فالسبب ( وهو البكاء ) أيضاً مرغّب فيه من قبل الشريعة أيضاً . . لذا فإنّ البكاء من خشية الله يُعَدّ من أعظم العبادات ، حتّى إنّه وردت روايات عديدة في أنّ البكاء في الصلاة من أفضل أعمالها . . فنظرة الشريعة - من خلال الآيات والروايات - تدل على أنّ البكاء المتوفّر فيه هذان الشرطان هو من الأفعال الكماليّة النفسانيّة ومن الفطرة المستقيمة للبشر ، والقرآن يمدح هذه الحالة في أنبيائه ورُسله . . ويضرب لنا في ذلك أمثولة وقدوة نتأسّى بها حتّى في الحزن . . فنظرة الآيات القرآنية ، وقبل أربعة عشر قرناً . . تُقرّر وتثبت ما توصّلت إليه