نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 226
على أتان لي قمراء كانت أذمت بالركب [1] ، ومعي صبي لنا ، وشارف لنا والله ما تبض [2] بقطرة ، وما ننام لينا ذلك أجمع مع صبينا ذاك ، ما نجد [3] في ثدي ما يغنيه ولا في شارفنا ما يغذيه ، ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج ، فخرجت على أتاني تلك فلقد أذمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا وعجفا . فقدمنا مكة ، فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه إذا قيل إنه يتيم ، تركناه قلنا : ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه ؟ إنما نرجو المعروف من أبى الولد ، فأما أمه فماذا عسى أن تصنع إلينا ! فوالله ما بقى من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعا غيري . فلما لم نجد غيره وأجمعنا الانطلاق قلت لزوجي الحارث بن عبد العزى : والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع ، لانطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه . فقال : لا عليك أن تفعلي ، فعسى أن يجعل الله لنا فيه بركة . فذهبت فأخذته ، فوالله ما أخذته إلا أنى لم أجد غيره . فما هو إلا أن أخذته فجئت به رحلي فأقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن ، فشرب حتى روى وشرب أخوه حتى روى ، وقام صاحبي إلى شارفنا تلك فإذا إنها لحافل ، فحلب ما شرب وشربت حتى روينا ، فبتنا بخير ليلة .
[1] القمراء التي يميل لونها إلى الخضرة . وقد ذكرها السهيلي أولا : أذممت وقال : تريد أنها حبستهم وكأنه من الماء الدائم وهو الواقف . ويروى : " حتى أذمت " أي أذمت الأتان أي جاءت بما تذم عليه " والمعنى أنها أبطأت عليهم حتى حبستهم . [2] ما تبض : ما ترشح . [3] العجب أن ابن كثير رحمه الله يعدل عن لفظ ابن إسحاق ويخلطه بما يفسد المعنى ، ولو أنه أثبته بنصه لكفى وأغنى ، وإليك نص ابن إسحاق : " وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا ، من بكائه من الجوع ، ما في ثديي . . . الخ " ولو ذهبنا نتتبع مفارقات المؤلف في نقله عن ابن إسحاق لطال بنا الامر ، ويكفي أن نعلم أن ابن كثير يخلص المعنى بعبارته ويزيد ويحذف ولا يلتزم النص إلا قليلا .
226
نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 226