أو خبر ناقص يوجد السبيل إلى تتمته ، مع الاعتراف بكلول الحد ، عن مبلغ ذلك الحد ، فليس الغرض المعتمد أن استولى على ذلك الأمد ، ولكن لا ينبغي أن يدع الجحش من بذّه الأعيار ومن سافرت في العلم همته فلا يلق عصا التسيار ، وقد قال الأول : افعل الخير ما استطعت وإن * كان قليلا فلن تحيط بكله ومتى تبلغ الكثير من الفض * ل إذا كنت تاركا لأقله ؟ ! نسأل الله تعالى التوفيق لما يرضيه ، وشكرا يستجلب المزيد من فضله ويقتضيه . إهداء الكتاب قال المؤلف أبو القاسم : قلت هذا لأني كنت حين شرعت في إملاء هذا الكتاب خيل إلي أن المرام عسير ، فجعلت أخطو الحسير وأنهض نهض البرق الكسير ، وقلت كيف أرد مشرعا لم يسبقني إليه فارط ، وأسلك سبيلا لم توطأ قبلي بخف ولا حافر . فبينا أنا أتردد تردد الحائر ، إذ سنح لي هنالك خاطر : أن هذا الكتاب سيرد الحضرة العلية ، المقدسة الإمامية ، وأن الإمامة ستلحظه بعين القبول ، وأنه سيكتتب للخزانة المباركة - عمرها الله - بحفظه وكلاءته ، وأمد أمير المؤمنين بتأييده ورعايته ، فينتظم الكتاب بسلك أعلاقها ، ويستق مع تلك الأنوار في مطالع إشراقها . فعند ذلك امتطيت صهوة الجد ، وهززت نبعة العزم ، ومريت أخلاف الحفظ ، واجتهرت ينابيع الفكر ، وعصرت بلالة الطبع ، فألفيت بحمد الله الباب فتحا ، وسلكت سبل ربي ذللا ، فتبجست لي بمن الله تعالى من المعاني الغريبة عيونها ، وانثالت علي من الفوائد العلوم والآداب ، وأسماء الرجال والأنساب ، ومن الفقه الباطن اللباب ، وتعليل النحو وصنعة الإعراب ، ما هو مستخرج من نيف على مائة وعشرين ديوانا ، سوى ما أنتجه صدري ، ونفحه فكري ، ونتجه نظري ، ولقنته على مشيختي ؛ من نكت علية لم أسبق إليها ، ولم أزحم عليها . كل ذلك بيمن الله وبركة هذا الأمر المحي لخواطر الطالبين ، والموقظ لهمم المسترشدين ، والمحرك للقلوب الغافلة إلى الاطلاع على معالم الدين ، مع أني قللت الفضول ، وشذبت أطراف الفصول ، ولم أتتبع شجون الأحاديث - وللحديث شجون - ولا جمحت لي خيل الكلام إلى غاية لم أردها وقد عنت لي منه فنون ، فجاء الكتاب من أصغر الدواوين حجما ، ولكنه كنيف مليء علما ، ولو التفت غيري لقيت فيه أكثر من قولي هذا .