وذكر المفيد في الإرشاد : خمسا وخمسين سنة [1] . وكان سبب وفاته ما حدث به هرثمة ، قال : كنت بين يدي المأمون إلى أن مضى من الليل أربع ساعات ثم انصرفت إلى منزلي ، فلما مضى من الليل ساعات قرع قارع بابي ، فكلمه بعض غلماني ، فقال له : قل لهرثمة أجب سيدك ، فقمت مسرعا وأخذت علي أثوابي وأسرعت إلى سيدي ، ودخل الغلام بين يدي ودخلت وراءه وإذا سيدي في صحن داره جالس ، فقال لي : يا هرثمة . قلت : لبيك يا مولاي . فقال لي : اجلس ، فجلست . فقال لي : اسمع وع يا هرثمة ، هذا أوان رحيلي إلى الله عز وجل ولحوقي بآبائي وجدي ( عليهم السلام ) ، وقد بلغ الكتاب أجله ، وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك ، فأما العنب فإنه يغمس السلك في السم ويجريه بالخيط في العنب ليخفى ، وأما الرمان فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه ويفرك الرمان بيده ليلطخ حبه في ذلك السم . وإنه سيعودني في يومنا هذا المقبل ويقرب إلي الرمان والعنب ويسألني أن آكله ، فآكله فينفذ الحكم ويحضر القضاء ، فإذا أنا مت فسيقول : أنا اغسله بيدي ، فإذا قال ذلك فقل له عني بينك وبينه : إنه قال لي : قل له لا يتعرض لغسلي ولا لكفني ولا لدفني فإنه إن فعل ذلك عاجله من العذاب ما أعجزه عنه وحل به أليم العقاب فإنه سينتهي . فقلت : نعم يا سيدي . قال لي : فإذا خلى بينك وبين غسلي ، فيجلس في علو من أبنيته هذه مشرفا على موضع غسلي لينظر إلي ، فلا تعرض لشئ من غسلي حتى ترى فسطاطا قد ضرب في جانب الدار أبيض ، فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها فضعني من وراء الفسطاط وقف من ورائه ويكون من معك دونك ولا تكشف الفسطاط وتراني فتهلك ، فإنه سيشرف عليك ويقول لك : يا هرثمة أليس زعمتم أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى ومحمد بالمدينة ونحن بطوس ؟ ! فإذا قال لك ذلك فأجبه وقل له : ما يغسله غير من ذكرته ، فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مندرجا في أكفاني محنطا ، فضعني