أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكتمون ، فإن الله لم يترككم سدى ، ولم يخلقكم عبثا ، ولم يكتمكم هدى . الحذر الحذر عباد الله ، فقد حذركم الله نفسه ، فلا تعرضوا للندم ، واستجلاب النقم ، والمصير إلى عذاب جهنم * ( إن عذابها كان غراما * انها ساءت مستقرا ومقاما ) * [1] نار لا تطفى ، وعيون لا ترقى ، ونفوس لا تموت ولا تحيى ، في السلاسل والأغلال ، والمثلات والنكال * ( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما ) * [2] نار أحاط بهم سرادقها واكتنفتهم بوائقها فلا يسمع لهم ندا ولا يجاب لهم دعاء ولا يرحم لهم بكاء . ففروا عباد الله إلى الله بهذه الأنفس الفانية ، في الصحة المتوالية ، في الأيام الخالية ، من قبل أن ينزل بكم الموت فيغصبكم أنفسكم ، ويفجعكم بمهجكم ، ويحول بينكم وبين الرجعة . هيهات حضرت آجالكم ، وختمت أعمالكم ، وجفت أقلامكم ، فلا إلى الرجعة من سبيل ، ولا إلى الإقالة من وصول ، عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه الأبرار ، وأرشدنا وإياكم لما أرشد له عباده الأخيار . الإمام الرضا ( عليه السلام ) / وفاته وكتب إلى ولده الجواد ( عليهما السلام ) : فدتك نفسي بلغني أن الموالي إذا ركبت أخرجوك من باب البستان الصغير ، وإنما ذاك من بخل بهم لئلا ينال أحد منك خيرا ، فأسألك بحقي عليك لا يكون مدخلك ومخرجك إلا من الباب الكبير ، وإذا ركبت إن شاء الله فليكن معك ذهب وفضة ثم لا يسألك أحد شيئا إلا أعطيته ، ومن سألك من عمومتك أن تبره فلا تعطه أقل من خمسين دينارا والكثير إليك ، ومن سألك من عماتك فلا تعطها أقل من خمسين دينارا والكثير إليك ، ومن سألك من قريش فلا تعطه أقل من خمسة وعشرين دينارا والكثير إليك ، إني انما أريد أن يوفقك الله ، فاتق الله وأعط ولا تخف من ذي العرش إقتارا [3] .
[1] الفرقان : 65 - 66 . [2] النساء : 56 . [3] عيون أخبار الرضا : ج 2 ص 8 ب 30 ح 20 .