والجراح في أصحاب الحسين ( عليه السلام ) إلى أن زالت الشمس ، فصلى الحسين ( عليه السلام ) بأصحابه صلاة الخوف . وتقدم حنظلة بن سعد الساعدي بين يدي الحسين عليه فنادى : يا أهل الكوفة ، يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب ، يا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد ، يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من افترى . ثم تقدم فقاتل حتى قتل رحمه الله . وتقدم بعده شوذب مولى شاكر ، فقال : السلام عليك يا با عبد الله ورحمة الله وبركاته ، أستودعك الله ، ثم قاتل حتى قتل ( رحمه الله ) . ولم يزل يتقدم رجل من أصحابه فيقتل ، حتى لم يبق مع الحسين ( عليه السلام ) إلا أهل بيته خاصة . فتقدم ابنه علي بن الحسين ( عليه السلام ) وأمه ليلى بنت أبي قرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وكان من أصبح الناس وجها ، وله يومئذ تسع عشرة سنة ، فشد على الناس وفعل ذلك مرارا ، وأهل الكوفة يتقون قتله ، فبصر به مرة بن منقذ العبدي فقال : علي آثام العرب إن مر بي بفعل مثل ذلك إن لم أثكله أباه . فمر يشتد على الناس كما مر في الأول ، فاعترضه مرة بن منقذ فطعنه فصرعه ، واحتواه القوم فقطعوه بأسيافهم . فجاء الحسين ( عليه السلام ) حتى وقف عليه فقال : قتل الله قوما قتلوك يا بني ، ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وانهملت عيناه بالدموع ، ثم قال : على الدنيا بعدك العفا . وأمر فتيانه فقال : احملوا أخاكم ، فحملوه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط . ثم رمى رجل من أصحاب عمر بن سعد يقال له عمر بن صبيح عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم فاتقاه بكفه ، فسمره على جبهته ، فلم يستطع تحريكه ، ثم انتحى عليه آخر برمحه فطعنه في قلبه فقتله رحمة الله عليه . وحمل عبد الله بن قطبة الطائي على عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتله .