قال : اصطناع العشيرة واحتمال الجريرة . قال : فما الغنى ؟ قال : قلة أمانيك والرضا بما يكفيك ؟ قال : فما الفقر ؟ قال : الطمع وشدة القنوط . قال : فما اللؤم ؟ قال : إحراز المرء نفسه وإسلامه عرسه . قال : فما الخروق ؟ قال : معاداتك أميرك ومن يقدر على ضرك ونفعك . ثم التفت إلى الحارث الأعور فقال : يا حارث علموا أولادكم هذه الحكم فإنها زيادة في العقل والحزم والرأي [1] . يعني هذا الكلام وكلام الحسن ( عليه السلام ) الذي سأله عنه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في هذا الأسلوب ، وهو في كلام الحسن ( عليه السلام ) قبل هذا . ومن كتاب كتبه الحسين بن علي ( عليهما السلام ) إلى معاوية : أما بعد ، فقد بلغني عنك أمور وأن بي عنها غناء ، وزعمت أني راغب فيها وأنا بغيرها عنك جدير . أما ما رقى إليك عني فإنه انما رقاه إليك الكاذبون والملاقون المشاؤون بالنمائم ، المفرقون بين الجمع ، كذب الساعون الواشون ، ما أردت حربك ولا خلافا عليك وأيم الله إني لأخاف الله عز وجل في ترك ذلك ، وما أظن الله تبارك وتعالى براض عني بتركه ، ولا عاذري بدون الإعذار إليه فيك وفي أوليائك القاسطين المجلبين حزب الظالمين وأولياء الشياطين ألست قاتل حجر بن عدي أخي كندة وأصحابه المطيعين الصالحين العابدين ، ولقد كانوا ينكرون الظلم ، ويستعظمون المنكر والبدع ، ويؤثرون حكم الكتاب ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، فقتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة أن لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولا بأحنة تجدها في صدرك عليهم ؟ أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) العبد الصالح الذي أبلته العبادة فصفرت لونه وانحلت جسمه بعد أن آمنته وأعطيته من عهود الله عز وجل ومواثيقه ما لو أعطيته العضم [2] وفهمته نزلت إليك من شعف الجبال ، ثم قتلته جرأة على الله تعالى واستخفافا بذلك العهد ؟ أو لست المدعي زياد بن سمية المولود