الأمة رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم في سفال حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل " فقد ترك بنو إسرائيل هارون وعكفوا على العجل وهم يعلمون أن هارون خليفة موسى ( عليهما السلام ) ، وقد تركت الأمة عليا ( عليه السلام ) وقد سمعوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعلي ( عليه السلام ) : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة فلا نبي بعدي " وقد هرب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من قومه وهو يدعوهم إلى الله تعالى حتى فر إلى الغار ، ولو وجد عليهم أعوانا ما هرب ، ولو وجدت أعوانا ما بايعتك يا معاوية ، وقد جعل الله تعالى هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلوه ولم يجد أعوانا عليهم ، وقد جعل الله النبي ( صلى الله عليه وآله ) في سعة حين فر من قريش ولم يجد أعوانا عليهم ، وكذلك أنا فإني في سعة من الله تعالى حين تركتني الأمة وبايعت غيري ولم أجد أعوانا ، وإنما هي الئيض . [1] والأمثال يتبع بعضها بعضا . أيها الناس إنكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب أن تجدوا ولد نبي غيري وغير أخي الحسين لن تجدوا [2] . سئل ( عليه السلام ) ماذا سمعت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : سمعته يقول لرجل : دع ما يريبك إلى مالا يريبك ، فإن الشر ريبة وإن الخير طمأنينة [3] . وعقلت عنه ( عليه السلام ) أني بينما أنا أمشي إلى جنب جرن [4] من الصدقة ، فتناولت تمرة فألقيتها في فمي ، فأدخل إصبعه فأخرجها بلعابها وقال : إنا آل محمد لا تحل علينا صدقة [5] . وعقلت عنه الصلوات الخمس . وعلمني كلمات أقولهن عند انقضائهن وهي : اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما
[1] وآض يئيض أي رجع ( لسان العرب 7 / 116 ) . [2] أمالي الطوسي : ج 2 ص 174 نقلا بالمضمون . [3] عوالي اللئالي : ج 1 ص 394 ح 40 ، وج 3 ص 330 ح 214 وليس فيهما عن الحسن ( عليه السلام ) . [4] جرن : موضع التمر الذي يجفف فيه ( لسان العرب 13 / 87 ) . [5] تاريخ اليعقوبي : ج 1 ص 226 ، مسند أحمد بن حنبل : ج 1 ص 200 .