فركبنا جميعا وركبت معهما حتى إذا صرنا إلى الغريين ، فأما عيسى فطرح نفسه فنام ، وأما الرشيد فجاء إلى الأكمة وصلى عندها ، فكلما صلى ركعتين دعا وبكى وتمرغ على الأكمة فيقول : يا عم يا عم أنا والله أعرف فضلك وسابقتك ، بك والله جلست مجلسي الذي أنا فيه ، وأنت قلت ، ولكن ولدك يؤذونني ويخرجون علي ، ثم يقوم فيصلي ثم يعيد هذا الكلام ويدعو ويبكي ، حتى إذا كان وقت السحر قال لي : يا ياسر أقم عيسى فأقمته . فقال له : يا عيسى قم صل عند قبر عمك . قال : وأي عمومتي هو ؟ قال : هذا قبر علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) . فتوضأ عيسى وقام يصلي ، فلم يزالا كذلك حتى طلع الفجر فقلت : يا أمير المؤمنين أدركك الصبح . فركبا ورجعا إلى الكوفة [1] . وروى منصور بن عمار قال : سبحت على شط البحر فأتيت على دير ، وفي الدير صومعة ، وفيها راهب ، فناديته فأشرف علي ، فقلت له : من أين يأتيك طعامك ؟ قال : من مسيرة شهر . قلت : حدثني بأعجب ما رأيت من هذا البحر ؟ قال : ترى تلك الصخرة ، وأومأ بيده إلى صخرة في وسط البحر . قلت : نعم . قال : يخرج من البحر في كل يوم طير مثل النعامة فيقع عليها ، فإذا استوى واقفا قاء رأسا ثم يدا ثم رجلا ثم يلتم الأعضاء بعضها إلى بعض ، ثم يستوي إنسانا قاعدا ، ثم يهم بالقيام ، فإذا هم بالقيام نقر نقرة فأخذ رأسه ثم أخذ عضوا عضوا كما كان ، فلما إن طال علي ذلك ناديته يوما وقد استوى جالسا : من أنت ؟ فالتفت وقال : هذا عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب وكل الله تعالى به هذا الطير فهو يعذبه إلى يوم القيامة [2] . فصل في ذكر أولاده عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام ولد له ( عليه السلام ) من فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم .