وقد أمرنا ( عليه السلام ) أن نرد ذلك إلى بيت مال المسلمين ، فأنا منفذ في يومي هذا وصيته في عبد الرحمن لعنه الله . ثم إن الحسن ( عليه السلام ) نزل من المنبر وبعث من ساعته إلى السجن ، فاتي بعبد الرحمن لعنه الله فأقاموه بين يديه ، وأخذ الحسن ( عليه السلام ) السيف وعلا به ناصية عبد الرحمن فاتقاه يساعده فلم تعمل فيه الضربة ، فوثب الحسين ( عليه السلام ) وأتى إلى سيف جده رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فهزه وعلا به هامة عبد الرحمن فقطعه ، ووثب أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بأسيافهم فقطعوه إربا إربا . حدث الحسن بن علي بن محمد الخزاز ، عن المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إنه لما كانت الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لابنيه الحسن والحسين ( عليهما السلام ) : إني مفارقكم في ليلتي هذه ، فإذا أنا مت فحطا موضع فراشي من الأرض ثم احملاني وغسلاني مع من يعينكما على غسلي ، وكفناني وحنطاني وضعاني على السرير وخذا المؤخر واتبعا مقدمه حتى يأتيا به موضع الخطة ، فاحفرا لي قعر الأرض فإنه ستبدو لكما خشبة من ساج محفورة ، حفرها لي أبي نوح ( عليه السلام ) ، فضعاني فيها وأطبقا علي اللبن ، وتمهلا علي قليلا ، ثم خذا اللبن فإنه سيبين لكما أمري . قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ففعلا ذلك ، فلما حفرا موضع الخطة بدت لهما خشبة من ساج محفورة فوضعاه فيها ثم أطبقا عليه اللبن وتمهلا قليلا واخذ اللبن فلم يريا شيئا ، فهتف بهما هاتف : إن الله تعالى قد رفع وليه إلى نبيه . قال : فبكى الحسين ( عليه السلام ) ثم قال : أشهد والله لقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : لو أن نبيا توفي بالمشرق وتوفي وصيه بالمغرب لحمل الله ذلك الوصي إلى ذلك النبي [1] . حدث جعفر بن محمد الأرمني ، عن موسى بن سنان الجرجاني ، عن أحمد بن عباس المقري عن أم كلثوم بنت علي ( عليهما السلام ) ، قالت : كان آخر كلام عهده أبي ( عليه السلام ) إلى أخوي الحسن والحسين ( عليهما السلام ) أن قال : يا بني إذا أنا مت فغسلاني ، ثم نشفاني
[1] فرحة الغري : ص 31 ، بحار الأنوار : ج 42 ص 213 باب 127 ح 14 ، مع اختلاف السند .