وتوفير الفئ لأهله . ألا وأن أعجب العجب أن معاوية بن أبي سفيان الأموي وعمرو بن العاص السهمي يحرضان الناس على طلب الدين بزعمهما ، وإني والله لا أخالف رسول الله قط ، ولم أعصه في أمر قط ، أقيه بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال وترعد فيها الفرائص بقوة أكرمني الله بها فله الحمد ، ولقد قبض النبي ( صلى الله عليه وآله ) ورأسه في حجري ، ولقد وليت غسله بيدي يقلبه معي الملائكة المقربون ، وأيم الله ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا نصر باطلها على حقها إلا ما شاء الله . وحدث المعافة بن إسرائيل ، عن المقدام بن شريح بن هاني ، عن أبيه شريح بن هاني ، قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : العلم وراثة كريمة ، والأدب خلال حسان ، والفكر مرآة صافية [1] ، والاعتبار منذر ناصح . قد أزرى بنفسه من استشعر الطمع ، ورضي بالذل من كشف ضره [2] ، وأهان نفسه من اطلع على سره سواه . فلا كرم أعز من التقوى ، ولا معقل أحرز من الورع ، ولا شفيع أنجح من التوبة ، ولا لباس أجمل من العافية ، ولا وقاية أمنع من السلامة ، ولا كنز أغنى من القنوع ، ولا شئ أذهب للفاقة من الرضا بالقوت [3] . والحسد آفة الدين ، والتقوى سابق إلى الخير ، وكفى بك أدبا لنفسك ما كرهته لغيرك . قد خاطر بنفسه من استغنى برأيه . التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم . إعجاب المرء بنفسه فساد عقله . من غلب لسانه أمره قومه . من لم يصلح خلائفه [4] كثرت بوائقه [5] .
[1] إلى هنا في نهج البلاغة : ص 469 حكمة 5 . [2] إلى هنا في نهج البلاغة : ص 469 حكمة 2 . [3] نهج البلاغة : ص 540 حكمة 371 . [4] الخلائق جمع خليقة : الطبيعة والسجية . [5] البوائق جمع بائقة : الشر والغائلة والداهية .