على يده اليمنى فقطعها ، فأخذ المصحف بيده اليسرى فقطعت ، فاحتضن المصحف إلى صدره وناداهم . فضرب بالسيف على هامته حتى قتل [1] . ثم إن عليا ( عليه السلام ) لما رأى القوم قد حادوه القتال وصمدوا للحرب بعث إلى محمد بن الحنفية وكانت الراية بيده أن أقدم يا بن خولة واقتحم على القوم . قال : نعم . فأرسل إليه ثانية أن أقحم يا بن خولة قال : نعم ، وكان بإزاء محمد قوم من الرماة فرموه وحادوه ، فتأخر محمد وقال لأصحابه : إن القوم قد رموكم فجرحوكم وأنهم يبددون نبلهم في رشق آخر ثم احملوا عليهم . فبعث علي ( عليه السلام ) إليه ثالثة فقال له : يا بن خولة أقحم لا أم لك . قال : نعم . فلما أبطأ عليه تحول من بغلته إلى فرسه وسل سيفه وركض نحوه فأتاه من خلفه فوضع يده اليسرى على منكبه اليمنى ثم رفعه حتى أشاله من سرجه وقال : لا أم لك . قال محمد : والذي لا إله إلا هو ما ذكرت ذلك منه قط إلا كأني أجد ريح نفسه فيأخذ الراية من يديه ، ثم حمل على القوم وذلك عند زوال الشمس من يوم الأحد ، فأنشأ وهو يطعنهم ويقول : اطعن بها طعن أبيك تحمد * لا خير في الحرب إذا لم توقد بالمشرفي والقنا المبدد * والضرب بالخطى والمهند [2] . ثم حمل عليهم حتى توسطهم وغاص فيهم ، فاقتتل الناس قتالا شديدا ، ثم خرج من ناحية القوم وقد انحنى سيفه ، فأقامه بركبته ، واجتمع حوله أصحابه فقالوا : نحن نكفيك يا أمير المؤمنين ، فما يجيب أحدا منا ، فإنه لطافح ببصره نحوهم ثم حمل الثانية حتى توسطهم وغاب فيهم ، فسمعنا له تكبيرة بعد حين وله همهمة كزئير الأسد ثم تكشف الناس عنه وانقشعوا حوله ، فوصلنا إليه وأنه لواقف قد أزبد كالجمل الهائج والأسد الحامي وقد وقعت الرؤوس والسواعد والجيف
[1] الجمل : ص 181 ، تاريخ الطبري : ج 3 ص 520 مع اختلاف . [2] المناقب لابن شهرآشوب : ج 3 ص 155 .