الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ما توقف في عرض الاسلام عليه ، وهو لم يتوقف في قبوله البتة . أما علي فأن هذا الحديث يقتضي أنه كان له توقف في قبول الاسلام ، فهذا يدل على أن إسلام أبي بكر كان سابقا على إسلام علي . سلمنا أن إسلام علي كان سابقا على إسلام أبي بكر . إلا أنا نقول : إن عليا حين أسلم كان صبيا بدليل الشعر المنقول عن علي ( عليه السلام ) أنه قال : سبقتكم إلى الاسلام طرا * غلاما ما بلغت أوان حلمي [1] وأبو بكر أسلم حين كان بالغا عاقلا ، والناس قد اختلفوا في صحة إسلام الصبي . وكيف كان فلا شك أن إسلام العاقل البالغ الصادر عن الاستدلال أفضل من إسلام الصبي الذي لا يكون بالغا . سلمنا أن عليا كان بالغا وقت ما أسلم إلا أنه لا شك أنه في ذلك الوقت ما كان مشهورا بين الناس ولا محترما ولا مقبول القول ، بل كان كالصبي الذي يكون في البيت ، فما كان يحصل بسبب إسلامه قوة وشوكة في الاسلام . وأما أبو بكر فإنه كان شيخا محترما أجنبيا فحصل للإسلام بسبب إسلامه شوكة وقوة ، فكان إسلام أبي بكر أفضل من إسلام علي . لأنا نقول : أما الخبر الذي تمسكتم به في إثبات أن إسلام أبي بكر سابق على إسلام علي فهو من باب الآحاد ، فلا يفيد العلم . قوله : " إن عليا حين أسلم ما كان بالغا " . قلنا : الجواب عنه من وجهين : الأول : لا نسلم أنه أسلم قبل البلوغ ، ويدل عليه أن سن علي كان بين خمس وستين سنة وبين ست وستين سنة ، والنبي ( عليه السلام ) كان قد بقي بعد الوحي ثلاثا وعشرين سنة ، وعلي بقي بعد النبي قريبا من ثلاثين سنة فإذا أسقطنا مدة ثلاث وخمسين سنة من ست وستين سنة بقي ثلاث عشر سنة ، فإذن كان علي
[1] روضة الواعظين : ص 87 في إسلام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .