للخليفة ثابتة في العقل ، وذلك أن الله تعالى لا يدعو إلى سبب إلا بعد أن يصور حقائقه في العقول ، وإذا لم يتصور ذلك لم تتسق الدعوة ولم تثبت الحجة ، وذلك أن الأشياء تألف أشكالها وتنبو عن أضدادها ، فلو كان في العقل إنكار الرسل لما بعث الله نبيا قط . حدث عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا ابن نمير ، قال : حدثنا عبد الملك ، قال : حدثنا عطاء بن أبي رياح ، قال : حدثني من سمع أم سلمة رضي الله عنها تذكر أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان في بيتها فأتته فاطمة ( عليها السلام ) ببرمة فيها حريرة ، فدخلت بها عليه ، فقال : ادع لي زوجك وابنيك . قالت : فجاء علي والحسن والحسين ( عليهم السلام ) فدخلوا عليه ، فجلسوا يأكلون من تلك الحريرة وهو يهم على منام له [1] على دكان تحته كساء خيبري ، قالت : وأنا في الحجرة أصلي ، فأنزل الله تعالى : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * . قالت : فأخذ ( صلى الله عليه وآله ) فضل الكساء وكساهم به ، ثم أخرج يده وألوى بها إلى السماء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . قالت : فأدخلت رأسي البيت وقلت : وأنا معكم يا رسول الله ؟ قال : إنك إلى خير ، إنك إلى خير [2] . قال عبد الملك : وحدثني داود بن أبي عوف بن الحجاف ، عن سهر بن حوشب ، عن أم سلمة بمثله سواء [3] . فقد ثبتت عصمتهم ( عليهم السلام ) لثبوت تنزيه الله تعالى لهم وإذهاب الرجس عنهم . والطهر خلاف الدنس ، والتطهير : التنزيه عن الإثم وكل قبح ، وهذا معنى العصمة ، وهو ترك مواقعة الرجس بمقتضى لفظ القرآن العزيز .
[1] في المصدر : وهو على منامة له . [2] مسند أحمد بن حنبل : ج 6 ص 292 . [3] مسند أحمد بن حنبل : ج 6 ص 292 .