ولهؤلاء خطئان فاحشان ، فاحش وأفحش : أمّا الخطأ الأول : فهو التجاوز عن الحدّ المشروع وقراءة الحديث الموضوع ، إذ لا يصحّ منهم الإعتماد على أيّ كتاب ، بل عليهم بالكتب العربية للمرحوم المجلسيّ طاب ثراه ان استطاعوا ، وإلاّ فبكتبه الفارسية ; وذلك لأنّ أكثر هؤلاء القراء لا علم لهم بالأخبار ولا يعرفون الحديث ، فالأفضل الإكتفاء بأخبار مصائب الإمام الحسين ( عليه السلام ) التي لخّصها المرحوم المجلسيّ ودراستها جيّداً ليفهمها ويُفهمها بحيث يجعل ذلك المرحوم دليله ومرشده ، وعليهم اجتناب نقل الأقوال . أمّا الخطأ الثاني : وما هو أفحش ، فهو تحرير وترجيع الصوت والتغنّي والتطويح بالصوت في الحلق حتّى يعجب المستمع بصوته ، وهذا النوع من القراءة يقول عنه أهل الشرع انّه معنى « قول الزور » و « لهو الحديث » وانّه لحن مطرب ، فبعض أهل الهوى واللهو يثيرون الناس وينشّطونهم بالأصوات المطربة وألحان أهل الفسوق ، وهؤلاء الذين يرتقون المنبر بهذه الصورة يشابهون هذه الجماعة ، والويل ثمّ الويل لهم ، لأنّهم بعيدون عن قواعد السداد والرشاد . وقد ذهب المرحوم الشيخ نوّر الله مرقده وطيّب مضجعه إلى أنّ الغناء في المصيبة وقراءة القرآن أشدّ عقوبة [1] . فإن كان الأمر كذلك وكانت القراءة بهذا الشكل فسوف لن يترتّب على هذا
[1] قال الشيخ مرتضى الأنصاري ( 1214 - 1281 ه ) في كتاب المكاسب - المكاسب المحرّمة - في بحث الغناء : « . . . وظهر ممّا ذكرنا أنّه لا فرق بين استعمال هذه الكيفية في كلام حق أو باطل فقراءة القرآن والدعاء والمراثي بصوت يرجّع فيه على سبيل اللهو لا اشكال في حرمتها ولا في تضاعف عقابها لكونها معصية في مقام الطاعة واستخفافاً بالمقروء والمدعو والمرثي . . . » كتاب المكاسب 1 / 101 ( مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت ) .