الأخير من عمرها حوراً وقصوراً وولداناً وغلماناً وجِناناً ، ما تمنّت شيئاً من ذلك ، وإنّما تمنّت جوار أبيها سيّد الرسل . وحينما وهبت ثوبَها ليلة الزفاف إلى الفقير السائل نزل جبرئيل وقال : فلتسأل فاطمة من العليّ الأعلى ما تشاء ، حتّى لو كان ما في الخضراء والغبراء ، فقالت ( عليها السلام ) : « شغلتني لذّةُ خِدمتي عن مسألتي إيّاه ، وما أريد إلاّ النظر إلى وجهه الكريم » . انظر إلى علوّ همّتها وبُعد نظرها ( عليها السلام ) ، حيث لم تُرِد من الله إلاّ الله ، فأظهرت الشوق للقاء الربّ ، وحصرت رجاءها الواثق بلقاء جمال ذي الجلال والحضرة النبويّة المقدّسة ، « فعليك بالله ودَع ما سواه » . وقد دعت للأمّة المرحومة دعاء الخير ، فأجابها الرب الودود أن ( كتب ربُّكم على نفسه الرحمة ) [1] والحديث طويل سيأتي في خصيصة وفاتها ( عليها السلام ) . * * * وعجباً ، فلم أكن أحسب أنّني سأُطيل كلا هذه الإطالة ، وذلك لأنّي كنت أحفظ بعض الأخبار فذكرتها ولم أرد إبقاءها في الذهن ، فأشرت إلى كلّ واحدة منها إشارة عابرة ، والأفضل أن نعود إلى الموضوع فنذكر النسوان الأُخريات ذِكراً إجماليّاً بما يقتضيه هذا الكتاب - الذي يبحث في حالات أمّ الأطياب صلوات الله وسلامه عليها - لئلاّ يخلو من الإشارة إلى خادمات تلك المخدومة التي يخدمها أهل الأرضين والسماوات !