فالوجود العينيّ الإيمانيّ نور يسطع في القلب بعد رفع الحجاب بينه وبين الحقّ تعالى . قال تعالى : ( مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ) [1] وقال تعالى : ( الله وليّ الذين آمنوا يُخرجهم من الظلمات إلى النّور ) [2] . والإيمان الثابت يقبل الشدّة والضعف مثل الأنوار الأخرى . ويشهد لذلك قوله تعالى : ( فإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً ) [3] . فكلّما ارتفع حجاب من الحُجب ، ازداد نور الإيمان في الإنسان وانشرح صدره بذلك النور ، وعرف حقائق الأشياء كما هي ، وبمقدار انشراح الصدر يقدم على الأوامر ويجتنب النواهي ، بحيث تحيط أنوار الأخلاق الفاضلة والملكات الحميدة بتمام أعضائه وقواه . قال تعالى : ( نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ) [4] وقال تعالى : ( نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ) [5] . فهذا الإيمان تحفة نورانيّة في ظلمات الطبيعة الإنسانيّة تجعل أنوار المعارف الجليّة وتجلّيات العلوم الربانيّة وجدانيّة للمؤمن . أمّا الإيمان اللفظيّ ، فهو على العكس تماماً ، لأنّه إقرار بالشهادتَين باللسان دون التحقّق من حقيقتها ، فهذا الإيمان لا فائدة فيه ، ومثله مثل من ينطق بلفظ الخبز والماء ، فلفظ الماء لا يروي عطشاناً ، ولفظ الخبز لا يُشبع جائعاً ، وهو الإيمان التقليديّ ، ويقابله الإيمان التحقيقيّ .