ولئن أُنزلت التوراة على موسى في مدّة مديدة ، فلقد أُنزل على فاطمة ( عليها السلام ) ثلاثة أضعاف القرآن في فترة وجيزة . ولئن أُعطي موسى عصا من شجرة اللوز المرّ ، فلقد أعطيت فاطمة ( عليها السلام ) شجرة طوبى . ولئن اختار الله موسى على رجال عالمه بمفاد قوله تعالى ( وأنا اخترتُك ) [1] فلقد اصطفى فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) على نساء العالمين بمفاد قوله تعالى ( إنّ الله اصطفاكِ ) [2] . ولئن ذهب موسى ( عليه السلام ) إلى طور سيناء ليناجي قاضي الحاجات ويبتهل إلى العليّ الأعلى ، فلقد كانت فاطمة ( عليها السلام ) تذهب إلى محرابها تتعبّد فيه وتناجي ربّها ، وتقوم حتّى تتورّم قدماها كما في الخبر « وتورّمت قدماها من كثرة العبادة » [3] . ولئن تجلّى الحقّ لموسى ( عليه السلام ) في طور سيناء فاستبان في جبينه نوراً ساطعاً لامعاً ، فلقد كان محيّا الصدّيقة الطاهرة يُزهر صباحاً وظهراً وعصراً بأنوار خاصّة وألوان مختلفة ، وقد مرّت الأخبار في ذلك . ولئن ظهرت لموسى ( عليه السلام ) في أيام الحمل وبعد الولادة وأيام الرضاع معجزات وخوارق للعادات ، من خفاء الحمل ، والدخول في التنور ، والعوم في البحر ، ودخول بيت فرعون ، فإنّ لفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أيضاً في أيام الحمل والولادة والرضاع كرامات وخوارق للعادات اتّفق عليها الطرفان ; وقد أشرنا سابقاً إلى بعضها .
[1] طه : 13 . [2] آل عمران : 42 . [3] انظر بحار الأنوار 43 / 75 ح 62 باب 3 .