أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فكلّمهم فيهم ، فصاح الأعاريب : أبينا ذلك يا أبا الحسن ، أبينا ذلك ، فخرج وهو مغضب يجرّ رداءه وهو يقول : يا معشر الموالي ! إنّ هؤلاء قد صيّروكم بمنزلة اليهود والنصارى ، يتزوّجون إليكم ولا يزوّجونكم ولا يعطونكم مثل ما يأخذون ، فاتّجروا بارك الله لكم فإنّي سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : الرزق عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء في التجارة وواحدة في غيرها » [1] . أراد ( عليه السلام ) أن يفتح لهم طريقاً حلالاً في العمل وجمع المال ليرغب فيهم أهل المدينة [2] . وفي الكافي حديث طويل نأخذ منه موضع الحاجة : . . . قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « إنّ رجلاً كان من أهل اليمامة يقال له : جويبر أتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) منتجعاً للإسلام فأسلم وحَسُن إسلامه ، وكان رجلاً قصيراً دميماً محتاجاً عارياً ، وكان من قباح السودان . . . وإنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة له ورقّة عليه فقال له : يا جويبر ! لو تزوّجت امرأة فعففت بها فرجك وأعانتك على دنياك وآخرتك ، فقال له جويبر : يا رسول الله ! بأبي أنت وأُمّي من يرغب فيّ ، فوالله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال ، فأيّة امرأة ترغب فيّ ؟ فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا جويبر ! إنّ الله قد وضع بالإسلام مَن كان في الجاهلية شريفاً ، وشرّف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعاً ، وأعزّ بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً ، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشايرها وباسق أنسابها ، فالناس اليوم كلّهم أبيضهم وأسودهم وقرشيّهم
[1] وسائل الشيعة 20 / 71 ح 25059 باب 26 كتاب النكاح . [2] وفي الحديث فوائد جليلة سيأتي بيانها في الخصائص الآتية .