تجمّلتِ تبغّلتِ وإن عشت تفيّلتِ * لك التسع من الُثمن وفي الكلّ تصرّفتِ [1] قيل لبهلول : قالت عائشة : إن أدركت ليلة القدر « ما سألت ربّي إلاّ العفو والعافية » فقال بهلول : وسؤالها الثاني الغلبة على عليّ بن أبي طالب . فإن كان حقّاً قول عائشة : إنّ أمير المؤمنين أفضل الرجال ، وأهله أفضل النساء ، فلماذا حاربتهما وخاصمتهما ونصبت لهما العداء ، وقادت الجيوش من بلد إلى بلد ، وأهلكت المسلمين وأشاعت فيهم القتل ؟ ! ثمّ بعد أن غُلبت أظهرت الندم . قال رجل من بني ضبّة - قُتل في تلك الواقعة - وهو يحتضر ويذكر عائشة بسوء : لقد أوردتنا حومةَ الموت أمُّنا * فلم تنصرف إلاّ ونحن رواءُ أطعنا بني تيم بشقوة جدّنا * وما التيم إلاّ أعبد وإماء واعلم ، أنّ عائشة ندمت ظاهراً لا باطناً كما قال بهلول ، إلاّ أن نقول أنّ طبيعتها تغيّرت وتبدّلت ، وهو محال بالبرهان الأمريّ ، فلا يكن تغيّرها بحال ، وإلاّ لما أظهرت السرور والفرح في مصيبة سيّدة نساء العالمين ، ولما أنشدت هذا البيت بعد وفاة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : فألقت عصاها واستقرّت بها النوى * كما قرّ عيناً بالإياب المسافر [2] ولما قسّمت أربعين ديناراً من الذخائر المدفونة بين فقراء بني تيم شكراً وابتهاجاً بمقتل علي ( عليه السلام ) .
[1] البحار 44 / 155 ح 24 باب 22 . [2] البحار 32 / 340 ح 324 باب 8 ; الطبقات الكبرى لابن سعد 3 / 40 .