والأوصياء وأتباعهم ، وكان رافعوا راية الضلال الطواغيت والظلمة وعبيد الشيطان وزبانيتهم . . بيد أنّ المأساة التي شهدها التاريخ تعمّقت حتّى بلغت الأعماق منذ أن ارتفعت راية النبيّ الخاتم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حيث كان الحقّ - قبلها - صريحاً ، كما كان الضلال صريحاً ، وليس لحركة النفاق دور مؤثّر غاية الأثر كما كان له دور في تاريخ الإسلام ، فخلطوا - والنبيّ بين ظهرانيهم - بين الحقّ والباطل ، واستفادوا من تجارب أسلافهم فخافوا أن تكتسحهم جيوش الهدى ، وتأكل رؤوسهم سيوف رجال التوحيد ، فلم يولّوا أدبارهم صوب معسكر الإسلام ; لئلاّ يبادوا ، وإنّما هربوا باتّجاه الدّين ، ودخلوا صفوف الموحّدين ، ورفعوا رايات بيض ركّزوها في أرض هيّأوها لتغرق بدماء أبناء الأنبياء والمرسلين ، وجنود الحقّ من ذرّيّة « هابيل » ; فوضعوا ودلّسوا وأخذوا ينضرون الدّين من الدّاخل ، ويغيّروا معانيه ، ويفرغوا مصطلحاته من محتوياتها ، ويصوغوا لها محتويات جديدة مع الإحتفاظ بصورة المصطلح ظاهريّاً . فالبغي مصطلح مقرّر في القرآن ، والبغاة هم مَن خرجوا على الإمام العادل ; إلاّ أنّهم استفرغوه ثمّ جعلوه مصطلحاً يطبّقوه على « الحسين بن علي ( عليهما السلام ) » وجعلوا « الغنائم » رحل رسول الله ! ! ، والسّلب « ما أُخذ من عقائله وبناته » ، والامتناع عن مساعدة الظّالم الغاصب وعدم الإعتراف به والتحرّز عن دفع الزكاة إليه « ردّة » ! ! تجب محاربتها واستئصال من اعتقدها ! ! . . وهكذا دلّسوا ودسّوا الباطل في الحقّ ، والرّذيلة في الفضيلة ، والمثالب في المناقب . . فصار التمييز على غير ذي البصيرة صعباً ، وصارت الفتنة عمياء ظلماء ،