وفي الحديث : إنّ الله أشدّ فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلّ راحلته فوجدها في ليلة الظلماء [1] . والمثال الذي ذكرته فيه غمط لحقّ المخدّرة الكبرى وتقصير واضح تجاهها ولكنّي أعلم أنّ شيئاً من سرور أو شيئاً من حزن يدخل السرور عليهم ، وأنّهم يعرفون ذلك لمن حزن أو فرح من أجلهم . مثال آخر : لو أنّ أحداً زرع بيده بذرة أترج أو ليمون أو نارنج وسقاها ورعاها وحماها من الحرّ والبرد وقام عليها ليل نهار حتّى أثمرت وأينعت ثمارها ، ولو ثمرة واحدة ، كم سيسعد بها ويفرح . ولو انعكس الأمر فسقطت الثمرة أو اقتطفها متطفّل ، فكم سيحزن ويغتمّ ؟ فلو أنّ النّاس فرحوا لفرح فاطمة ( عليها السلام ) وحزنوا لحزنها بهذا المقدار لكفى . وكم شاهدنا رجالاً بشّروهم بمولود ففرحوا وابتهجوا حتّى انجرّوا إلى الملاهي تعبيراً عن فرحهم ( ذلك بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحقّ ) [2] وليس ذلك إلاّ لفرح الأب بالإبن توخّياً للفوائد التي ستعود عليه من تلك الولادة ، وفوائد ولادة فاطمة في الدنيا والآخرة أكثر من فائدة الولد آلاف المرّات ; منها أنّ فرحك وسعادتك في هذا اليوم يعدّ خدمة لفاطمة ( عليها السلام ) ونصراً لله ولرسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فإذا كان يوم الحشر كان لواء النصر بيد فاطمة ( عليها السلام ) ، وهي « المنصورة » في قوله تعالى ( يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء ) [3] يعني أنّ نصرك لها