النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى مقام قاب قوسَين أو أدنى [1] . فالمعراج السير من الأرض إلى السماء ، والمعراج آلة العروج والصعود ، والثابت في الأخبار أنّه عرج عدّة مرّات ، وكان أحدها عروجاً في ليلة من الليالي إلى ما دون السماء السابعة ، حيث دخل الجنّات وأكل من فاكهتها لتنعقد منها النطفة المباركة ، وكانت هذه المرّة عروجاً خاصّاً لإنجاز هذا العمل ، وكان مقارناً لهبوط الروح الأمين ( عليه السلام ) بالفواكه من الجنّة ليقدمها إلى النبيّ ، فكان شرفاً فوق شرف . فنقول : إنّ الغرض - في هذه الدفعة المعراجيّة - دخول الجنّة والتناول من فاكهتها من أجل انعقاد النطفة الفاطميّة ، ولمّا كان هذا الأمر من الأمور المهمّة وفيه غاية الآمال وتحقّق المقصود في المآل ، كُلّف النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مباشرة وبدون واسطة للقيام بهذه المهمّة إكراماً وإعظاماً لفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، فعرج إلى السماء ، ولا ينافيه نزول الطبق ، حيث أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أظهر إشتياقاً لفاكهة الجنّة ، فنزل جبرئيل بالعنب والرطب والتفاح . ولا تعارض في تعدد الفاكهة - أيضاً - فنور فاطمة تجلّى في الجنّة وظهر في كلّ تلك الأنواع ، وكلّ نوع كان ظرفاً وقالباً ومظهراً ومجلى لنورها ، وقد جعل الله في كلّ ثمرة - كما مرّ بيانه - أثراً ، بحيث تكون بمجموعها مكمّلات ومتمّمات لتلك النطفة الزكيّة . وكان عليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يأكل كلّ واحدة
[1] الإسراء هو سير النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس في جزء من الليل كما هو الظاهر من سورة الإسراء . قال البوصيري : سريت من حرم ليلاً إلى حرم * كما سرى البدر في داج من الظُلَم وآية الإسراء ليس فيها دلالة واضحة على المعراج إلاّ ما يستدلّ به من آيات سوره النجم ، وعلى الخبير البصير أن يتأمّل . ( من المتن )