إعلم : أنّ الجنّة دار الحيوان ودار الله ومحل الرضوان ، وكلّ ما فيها من أشجار وأثمار وأنهار وغيرها منسوب إلى الله ، وجميع سكّانها هم أهل الله وخيرته من خلقه وزبدة عبيده ، كما أنّ الثمرة خلاصة الشجرة وعصارتها ، وجبرئيل خير أهل الملكوت وخلاصتهم وعصارتهم ، وعرق كلّ شئ أصفى منه ، وكأنّه عصارة ذلك الشئ وخلاصته وجوهره . وفي الحديث إشارة إلى أنّ فاطمة ( عليها السلام ) خُلقت من خلاصة دار الله وعصارة دار الحيوان ، حيث أفيضت عليها الحياة الأبديّة التي لا ممات فيها ولا فناء ، بل هي حياة خالدة سرمديّة ، وقد ذكرت كتب الأخبار حديث وداعها للحسنين حينما ألقوا بنفسيهما على بدنها فمدّت باعها وأخرجت يديها من الكفن واحتضنتهما . والخلاصة : إنّ هذا النحو من التكوين خاص بوجودها المقدس وليس لأحد هذا الشرف منذ أن أسكن آدم وحوّاء في هذه الدار . أنبياء از جنس روحند و ملك * مر ملك را جذب كردند از فلك [1] وخير لنا أن نبسط البيان فنقول : لم ير أحد جبرئيل بالعين الظاهرة في زمن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سواه ، وإنّما كان رسول الله يراه بعينه النبويّة لتجانسهما وتسانخهما وعدم مغايرتهما في صفاء الجسمانيّة ومقتضى النورانيّة ، ولأنّهما من مبدأ واحد ومشتقّان من مادّة واحدة ، ولا خلاف في اتّصال نورهما وارتباط وجودهما . وكذلك كان نور فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، الذي تجسّد في صورة التفاحة من الجنّة ، متّحداً مع الذات النبويّة المقدّسة ، وكان الحامل والمحمول والآكل والمأكول في غاية التلائم والتناسب .
[1] يقول : الأنبياء خُلقوا من جنس الروح ، والملك متجاذب مع الملك في هذا الكون .