قال : فأقام النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أربعين يوماً يصوم النهار ويقوم الليل ، حتّى إذا كان في آخر أيامه تلك بعث إلى خديجة بعمار بن ياسر وقال : قُل لها : يا خديجة ! لا تظنّي أنّ إنقطاعي عنك هجرة ولا قلى ، ولكن ربّي عزّ وجلّ أمرني بذلك لتنفذ أمره ، فلا تظنّي يا خديجة إلاّ خيراً فإنّ الله عزّ وجلّ ليباهي بك كرام ملائكته كلّ يوم مراراً ، فإذا جنّك الليل فأجيفي الباب وخُذي مضجعك من فراشك ، فإنّي في منزل فاطمة بنت أسد ، فجعلت خديجة تحزن في كلّ يوم مراراً لفقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فلمّا كان في كمال الأربعين هبط جبرئيل ( عليه السلام ) فقال : يا محمّد ! العليّ الأعلى يقرئك السلام وهو يأمرك أن تتأهّب لتحيّته وتُحفته . قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا جبرئيل ! وما تحفة ربّ العالمين ؟ وما تحيته ؟ قال : لا علم لي . قال : فبينا النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبق مغطّى بمنديل سندس ، أو قال : استبرق ، فوضعه بين يدي النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأقبل جبرئيل ( عليه السلام ) وقال : يا محمّد ! يأمرك ربّك أن تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام . فقال عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) : كان النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يرد إلى الإفطار ، فلمّا كان في تلك الليلة أقعدني النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على باب المنزل وقال : يابن أبي طالب ، إنّه طعام محرّم إلاّ عليّ . قال عليّ ( عليه السلام ) : فجلست على الباب وخلا النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالطعام وكشف الطبق ، فإذا عذق من رطب وعنقود من عنب ، فأكل النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) منه شبعاً ، وشرب من الماء ريّاً ، ومدّ يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرئيل وغسل يده ميكائيل وتمندله إسرافيل ، وارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء ، ثمّ قام النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليصلّي فأقبل عليه جبرئيل وقال : الصلاة