وأوضح المناهج ، وأنهج المسالك ، لحصول الغفران والوصول إلى الرضوان ، محبّة فاطمة البتول ، ومودّة ذوي القربى من آل الرسول ، فهي الذخيرة والخلاص ليوم ( لاتَ حينَ مناص ) [1] ، فمن تمسّك بهم نجا وهُدي ، ومن تخلّف عنهم هلك وهوى ، ومن اعتلق بهم فاز قداحه ، ومن تعلّق بأذيالهم أسفر صباحه ، فطوبى لمن سلك في هذه المحجّة البيضاء والطريقة الحسناء ، فويلٌ لمن نكب عن هذا الصراط السوي ، والمنهج العليّ ، وصبا عن ولائهم ، وخرج عن تحت لوائهم . والشكر لله الذي أولاني ، وعلى ذلك هداني بأنّي وُلدت على الفطرة ، ورُزقت هذه الصبرة ، أعني : بولاء هؤلاء من الفئة الفاطميّة ، والفتية المصطفويّة . وأسأل الله ربّي - وهو حسبي - أن أقوم يوم معادي من مقامي ورقادي مع صحيفتي الحاضرة ، وهي حجّتي الباهرة ، ووسيلتي في الدنيا والآخرة ، فيقال لي حين ( ترى كلّ أمّة جاثية ) [2] وحين تطاير الكتب وشخوص الأبصار ووجل القلوب : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ) [3] ، فأخرج من يدي بيضاي وألقي عصاي ، وأنا قائل بما قال المعرّي : وإنّي وإن كنتُ الأخيرَ زمانُه * لآت بما لم تستطعه الأوائلُ [4] وأنشر هذا الكتاب وهو خلاصة الحساب ، وما خصّني الله وأوتيت من فضل الله وعون عنايته ، وما أسهرني في أغلب الليالي ، وأخبرني عن أمّهات المعاني ومهمّات المعالي ، والاستقصاء في السير والأثر ، وإمعان النظر في المفاخر
[1] ص : 3 . [2] الجاثية : 28 . [3] الإسراء : 14 . [4] ديوان أبي العلاء المعرّي 193 ; وفي المتن : « الزمان أخيره » .