هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم ) [1] . منها : إنّ العرش جسم أعظم وأكبر من جميع الأجسام العلويّة والسفليّة ، والعالم كلّه العالي والسافل كحصاة في فلاة ، أو كقطرة في بحر لا متناه بالقياس إلى العرش . والعرش مجمع ومخزن لعالم الغيب والشهود بمفاد قوله ( وإن من شئ إلاّ عندنا خزائنه ) [2] وفيه تمثال كلّ شئ من البرّ والبحر . وهو مرآة الملائكة يرتسم فيه كلّ عمل ، ويُسمّى فلك الأفلاك وفلك الكلّ وفلك الأطلس أيضاً ، وهو منتهى الجسمانيّات ومطاف الملائكة الحافّين في قوله ( وترى الملائكة حافّين من حول العرش يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون لمن في الأرض ) [3] . ويحمله ثمانية من الأوّلين والآخرين ، كما قال الله تعالى : ( ويحمل عرش ربّك يومئذ ثمانية ) [4] . وهو محيط بكلّ ما خلق ، ومظهر لتجلّي واستواء الحضرة الأزليّة ( إنّ الله على العرش استوى ) [5] . ولمّا كانت الذات النبويّة المقدّسة أشرف الذوات وأفضل الموجودات وأعظم المخلوقات ، خلق الله منها العرش وهو أعظم الأجرام والأجسام . وقد
[1] التوبة : 129 . [2] الحجر : 21 . [3] الزمر : 75 . [4] الحاقة : 17 . [5] لعلّه اقتباس من قوله تعالى في سورة طه : 5 : ( الرحمن على العرش استوى ) .