القيامة . . فإذا كان يوم القيامة كشف حقائق الأعيان والأشخاص يوم الحاقّة ، أمر الله بإظهار أنوارها تامّة ، فتتجلّى بنورها البهيج فتحيط كلّ من في المحشر من الأوّلين والآخرين ، بل تعمّ به الملائكة المقرّبين والأنبياء المرسلين والأولياء الكاملين والشهداء والصالحين والصدّيقين من المؤمنين ، فتدهش الأبصار وتولّه القلوب ، حتّى يتمنّى كلّ واحد أن يكون فاطميّاً وأن يحسب في الفاطميّين ، وكأنّ قبّة القيامة فاطميّة ، وجميع الشرائع والملل منضوية تحت الراية الإسلاميّة ، فلا يبقى ذِكر ولا فكر ولا همّة إلاّ انحصر في النظر إلى أنوارها الجماليّة وآثارها الجلاليّة ، ولتشبّت الجميع بالأذيال الفاطمية . ولا يبعد أن يتوسّل بها حتّى الأنبياء العظام ، وكلّ منهم قطرة من قطرات بحار أنوار أبيها ، فيمدّون يد الحاجة إلى شفيعة يوم الجزاء ، ويلتجأون إليها ليأمنوا من أهوال القيامة وفزعها . ولذا يُنادى في أهل المحشر أن « غضّوا أبصاركم ونكّسوا رؤوسكم » [1] وطأطئوا رؤوسكم ، فلا أحد يقوى على مشاهدة جلوات أنوارها في عالم الملكوت وعرصات القيامة ، وغضّوا أبصاركم لأنّ أهل المحشر لا قابليّة لهم لمشاهدة الأنوار الزاهرة الباهرة ، فغضّوا الأبصار لئلاّ يفنى الناظرين . ولا يدري أحد كيف ستشرق أنوارها وكيف تتجلّى سيّدة نساء الأوّلين والآخرين في أعلى عليّين وفي الخلد وهي ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) [2] فتلك الأنوار كانت منذ اليوم الأوّل ، وظهرت وتلألأت في اليوم الآخر ، فمنذ مبدأ
[1] انظر البحار 43 / 53 ح 48 باب 3 . [2] القمر : 55 .