فنور النبيّ ونور الأمير ( عليهما السلام ) كان واحداً وفي درجة ومقام واحد ، ونور الحسنين أدنى منهما ، ونور فاطمة منفرداً بين الدرجة الأُولى والأخرى ، نقطة واحدة بين الخطّين ، ينتهي إليها الخطّ العالي وينتمي إليها الداني ، قال تعالى : ( مَرَج البحرَين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان * يَخرُج منهما اللؤلؤ والمرجان ) [1] . وبعبارة أخرى : إنّ فاطمة الزهراء بمنزلة القلب من الأركان الأربعة لعالم الإمكان ، والقطب والقلب واحد في مملكة البدن . وقال العرفاء : أغلب أعضاء البدن زوجيّة إلاّ القلب واللسان فهي فرد فرد ، واللسان ترجمان القلب ، يعني عليك أن تنظر إلى أحدهما وتمكن الآخر في القلب ، وتقرأ أحدهما وتجري الآخر على اللسان . خانه چو يك بيش نيست * دوست يكى بس بود و آن يك بي اشتراك * ذات مقدّس بود [2] فإذا كان الأربعة في مقامهم يمثّلون الأركان العظمى في هذا العالم ، ففاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بمثابة القلب والفؤاد والروح لهم ، وذاتها المقدسة مجهولة بلا عنوان . وبعبارة أخرى : إنّ اسمها وذاتها وأصلها وفرعها وزوجها وذريّتها الطاهرة وشيعتها الباهرة كلّهم جاؤوا من عالم النور ، واستغرقوا في النور ، بل هم نور على نور . وإذا كان أبوها نور الأنوار ، فهي أُمّ الأنوار ، وهذا هو المراد من قوله تعالى ( واتّبعوا الرسول والنّور الذي أنزل معه ) [3] .
[1] الرحمن : 19 و 20 و 22 . [2] يقول : لمّا كان البيت واحداً ، كان الحبيب واحداً لا غير . وذلك الحبيب هو الذات المقدّسة التي لا شريك لها . [3] الأعراف : 157 .