وأفنت إنّيّتها في جنب الربوبيّة ، ولم تطلب لنفسها شيئاً من نقير أو قطمير في أيّ حالة من حالاتها ، بل لم تر نفسها مالكة لأمر أو شئ ما ، تماماً كأبيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي قال الله في مدحه : ( ما كذب الفؤاد ما رأى ) [1] يعني أنّه كان في مقام التسليم والرضا فؤاداً من رأسه حتّى قدميه ، حيث أنّه لم ير سوى الله ولم يسمع إلاّ من الله ولم يقل إلاّ من الله وبأمر الله ( ما زاغ البصر وما طغى ) [2] وأنّ عينه الظاهرية لم تزغ ليلة المعراج إلى شئ من الأفلاك ، والأملاك وهو حكاية عن بصيرته الباطنيّة ورؤيته الفؤاديّة ، وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ثمرة فؤاد نبيّ الرحمة ، وقرّة عين هذه الذات المقدّسة ، وقد اتّفقت روايات المخالف والمؤالف على أنّ العصمة الكبرى فاطمة الزهراء شابهته وماثلته في الصورة والسيرة والكمالات اللامتناهية . وقد يقال : إنّ المراد من قوله « بضعة منّي » القلب الروحانيّ ، والمضغة الرحمانيّة المحمّديّة ، ولطالما كرّر النبيّ قوله : « إنّ فاطمة روحي وقلبي » [3] وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في خطبته « إنّ فاطمة المرضية آنية الله الزكيّة » [4] وآنية الله أي قلب الله ، وأحبّ القلوب إلى الله أرقّها وأصفاها . وإن شئت فقُل - بناء على الرواية المعتبرة - : إنّ فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) مهجة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والمهجة سبب حياة القلب والجسد العنصريّ الإنسانيّ ، وإلاّ فقل ما قاله النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) باختصار « فاطمة منّي وأنا من فاطمة ) .
[1] النجم : 11 . [2] النجم : 17 . [3] البحار 43 / 54 ح 48 باب 3 . [4] انظر البحار 36 / 356 ح 225 باب 41 .