كان محدِّثاً وراوية ، ولكنّ هذا أيضاً يحتاج إلى دليل من الخارج حتّى يخصّص عمر دون غيره بالرواية والتحديث ، ولو ثبت لأزعج أبا بكر ، فكيف يكون ذلك لعمر مع كلّ ما كان لأبي بكر من سابقة في الإسلام ؟ ! ! إضافة إلى ما في ذلك من تناقض وتهافت لا يخفى على المنصفين من أهل النظر والبصيرة . ثمّ إنّ الإماميّة ذهبوا إلى استحالة وجود المحدَّث بالفتح في غير أهل البيت ( عليهم السلام ) وخواصّهم الذين ورد النصّ فيهم . أمّا فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) فكانت محدَّثة - بالفتح - ومحدِّثة - بالكسر - كاملة في غاية الكمال . حيث كانت المستورة الكبرى تحدّث أُمّها وهي في بطنها ، وسنذكر أخبار الشيعة الإماميّة في ذلك مفصّلاً في باب ولادتها ، ونقتصر هنا على ذكر ما قاله الشيخ عزّ الدين عبد السلام الشافعيّ في كتاب « مدائح الخلفاء » بعد أن ذهب إلى تفضيل فاطمة على مريم لأنّها تكلّمت في بطن أمّها ; قال - وعبارته قريبة من روايات الإماميّة - : فلمّا حملت خديجة بفاطمة كانت تحدّثها من بطنها وتحدّثها وتؤنسها في وحدتها ، وكانت تكتم ذلك عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فدخل النبيّ يوماً فسمع خديجة تحدّث ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا خديجة ! لمن تحدّثين ؟ قالت : اُحدّث الجنين الذي في بطني فإنّه يحدّثني ويؤنسني . قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا خديجة ! أبشري فإنّها أُنثى ، وإنّها النسلة الطاهرة الميمونة ، فإنّ الله جعلها من نسلي ، وسيجعل من نسلها خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه [1] ، فما برح ذلك النّور يعلو وأشعّته في الآفاق ينمو حتّى جاء