وكان جبرئيل بالآيات يؤنسنا * فقد فُقِدتَ فكلّ الخير محتجب [1] وقد ورد في أوصافها « المحدّثة العليمة » . ولمّا كان الحديث عن هذا المطلب الأسنى والمقصد الأعلى بنحو الإطناب مهمّاً في هذا الكتاب ، لذا سننقل أقوال العلماء أوّلاً ، ثمّ نذكر علائم وصفات المحدّثة من الأخبار المعتبرة ثانياً ليثمر البحث نتيجة مفيدة إن شاء الله . قال المحدّث المرحوم الفيض في الوافي : المحدَّث - بفتح الدال وتشديده - هو الذي يحدّثه الملك في باطن قلبه ، ويلهمه معرفة الأشياء ، ويفهم وربّما يسمع صوت الملك وإن لم ير شخصه [2] . وقال في مجمع البحرين في معنى « المحدّثين » : أي يحدّثهم الملائكة وفيهم جبرئيل من غير معاينة [3] . وقال شارح أصول الكافي الفاضل المحدّث المازندراني : هو الذي يُلقى في قلبه شئ من الملأ الأعلى . وقال بعض الأفاضل : هو الذي يحدّث ما في ضميره بأمور صحيحة ، وهو نوع من الغيب ، فتظهر على نحو ما وقع له ، وهي كرامة من الله يُكرم بها من شاء من صالح عباده وهو من صفاء القلب فيتجلّى فيه من اللوح المحفوظ عند المقابلة بينه وبين القلب . ومن كلماتهم أيضاً : هو الذي يخلق الله في قلبه الصافي الأمور الكائنة بواسطة
[1] بحار الأنوار 43 / 196 ح 27 . [2] الوافي 3 / 624 ذيل ح 1208 باب 61 . [3] مجمع البحرين 2 / 245 مادة « حدث » في معنى قوله ( عليه السلام ) : « إنّ أوصياء محمّد عليه وعليهم السلام محدّثون » عن الكافي 1 / 270 .