أمّا لأهل السماوات فستأتي - إن شاء الله - عند الكلام عن أوّل خلقتها روايات معتبرة تنصّ على أنّها كانت تزهر في محراب عبادتها كالكوكب الدرّيّ وكالنّجم الساطع و . . . وقد ورد في تفسير أهل البيت ( عليهم السلام ) في قوله تعالى : ( كأنّها كوكب درّيّ ) [1] أنّها مأوّلة في فاطمة [2] ، ولهذا سمّيت عند الملائكة بالنوريّة ، يشهد لذلك الأخبار . وأمّا لأهل الأرض ، فقد مرّ بيانه من أنّها كانت تزهر لأهل المدينة بنور أبيض وأصفر وأحمر ، بل كانت الأنوار الساطعة من خواصّ تلك المحجوبة الكبرى ، حتّى أنّ جماعة من اليهود اهتدوا وأسلموا لمّا رأوا نورها ( عليها السلام ) ، وهذا ممّا ثبت بالتحقيق . أمّا ما كان لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) فهو ممّا لا يمكن إنكاره ، وقد ورد في كتب الفريقين « أنّها لعليّ ( عليه السلام ) في أوّل النّهار كالشمس الضاحية ، وفي وسط النّهار كالقمر المنير ، وفي آخر النّهار كالكوكب الدّرّيّ » [3] . ويمكن أن يقال في هذا المقام أنّ أهل السماوات لم يكن عندهم الاستعداد لمشاهدة نور تلك المخدّرة بنحو الكمال ، فلم يروها من أوّل العمر إلى آخره إلاّ كوكباً درّيّاً لا شمساً ولا قمراً ، أمّا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فكان يراها بنحو أكمل وأتمّ بالبصيرة الكاملة حسب الولاية الحقّة والإتّحاد الواقعيّ ، فكان يراها شمساً وقمراً وكوكباً درّيّاً .
[1] النور : 35 . [2] انظر تفسير البرهان 5 / 386 ح 2 . [3] انظر البحار 43 / 15 ح 14 باب 2 .