وإن وصلت إلى الكمال في مرتبة الأُنوثة ، ويشهد لذلك الحديث الشريف « ما كمل من النّساء إلاّ أربعة » [1] . نعم ; ذهب جماعة إلى تفضيل خديجة على مريم ، وقالوا : إنّ فضائل خديجة لا تقل عن فضائل مريم ، واستشهدوا لذلك بحديث « فُضّلت خديجة على نساء أُمّتي ، كما فضّلت مريم على نساء العالمين » ونظائره ، واستدلّوا أيضاً بأدلّة قويّة أخرى . أقول : هذا الحديث يفيد المثليّة والتساوي ، ولا يفيد الأفضليّة . ثمّ إنّ قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هذا كان في وقت لم تكن فيه فاطمة ( عليها السلام ) ، فلمّا ولدت ( عليها السلام ) خصّها به النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وإن كانت خديجة أفضل ، فهي أفضل نساء زمانها كمريم بنت عمران ، ولكنّها نالت شرف التلقيب ب « أُم المؤمنين » حتّى بعد وجود العصمة الكبرى فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) . وقد ذكرنا سابقاً أنّ خديجة كانت معروفة ب « سيّدة النسوان » كما نعتها بذلك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في شعره . ففاطمة ( عليها السلام ) أفضل نساء العالمين بما فيهم خديجة ( عليها السلام ) . ولمّا كانت مريم مخصوصة بموهبة العصمة ، كانت أفضل من خديجة أيضاً بهذا اللحاظ أمّا في غيرها من الصفات المتعلّقة بالنّساء ، فقد بلغت خديجة فيها كمال الكمال ، فلا تكون دون مرتبة مريم في تلك الصفات والأوصاف . وإن كانت مريم قد ولدت نبيّاً ، فقد ولدت خديجة الطاهرة فاطمة المطهّرة ، وبناءً على القول بتفضيل الخمسة الطيّبة على أولي العزم ، تكون فاطمة الزهراء بنت خديجة أفضل من كلمة الله عيسى ابن مريم .