نام کتاب : الحداثة ، العولمة ، الإرهاب في ميزان النهضة الحسينية نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 112
يصوّرها لنا بنحو يكون مهيّجاً للمشاعر والأحاسيس ، فينقل في تصويره بين تفاصيل الحدث ، وجامعاً لمقدّماته ، فيذكر تارة النتيجة النهائيّة للحدث ، واُخرى يوضّح فيها ساحة المعركة ، وأداة الجريمة ، حيث إنّه يرسمها لنا بصورتها الواقعيّة التي تكون أكثر تأثيراً لدى السامع ، لغرض ربطه بالمبادئ والأهداف التي يضعها النادب ، وهذا هو أرقى أنواع الأدب القرآني ، ولكنّنا نتأسّف لإغفال المفسّرين الذين تعرّضوا لهذه الآيات ، من التطرّق لهذا الأدب القرآني البديع ، فهم بذلك يتجاهلون علماً من العلوم القرآنيّة ، وهو أدب الرثاء القرآني . أدب الرثاء في القرآن الكريم من الابداعات التي يرفدنا بها القرآن الكريم ، هي تصويره للأحداث التي حصلت في الاُمم السابقة خير تصوير ، ملتزم بأرقى أساليب الرثاء والندبة ، فها هي سورة البروج ، وما تبديه من تقييم لأحداث الصراع الذي حصل بين جماعة الحقّ وهم ثلّة من المؤمنين ، واُولئك الكفّار وعبدة الهوى ، الذين تسلّطوا على رقاب النّاس بالقوّة والقهر ، فترسم لنا صورة الظلم الذي تعرّض له أصحاب الاُخدود ، فهي في واقعها عاشوراء مصغّرة ، ارتسمت في سماء التاريخ بأرقى المعاني ، لتضع اللمسات الإلهيّة في حنايا صبر المؤمنين ، وتبيّن معالم الظلم الذي وقع على البشريّة في تلك الفترة العصيبة ، فتأكيداً لواقعيّة الحدث وصدقه ابتدأت السورة بأيمان ثلاثة ، فقالت : * ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِد وَمَشْهُود ) * [1] ، ثمّ تتوالى في ذكر الحدث موضّحة نتيجته النهائيّة ، ووصف ساحة الحدث في قوله تعالى : * ( قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ) * [2] ، فإنّ بيان هذه التفاصيل مع ذكر أداة
[1] سورة البروج : الآيات 1 - 3 . [2] السورة المتقدّمة : الآيتان 4 و 5 .
112
نام کتاب : الحداثة ، العولمة ، الإرهاب في ميزان النهضة الحسينية نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 112