نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 424
اثنتي عشرة وسبعمائة . قال : فلم نلبث إلا قليلاً ، إذ جاء الخبر بحج السلطان من الشام ، وجاءت الإقامات وتهدمت الإرجافات ، وقوي حال أهل السنة والجماعة بعد تلك المخافة . وأخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن سالم المكي : أنه كان ساكناً في المدرسة الشهابية في بيت بإزاء صاحب الترجمة ، قال : فكنت أدرس التنبيه ، فأرفع صوي لكوني جهور به لا أحسن أقرأ إلا كذلك ولا أحفظ إلا أن رفعت صوتي ، قال : فتشوش الشيخ من رفع صوتي ، وقال لي : فقلت له : يا سيدي . ما أقدر إلا هكذا ، فقال لي : فاخفض قليلاً فلم أفعل ، فأصابني عارض من نزلة منعتني أن أتكلم ، فمر علي فقال لي : يا محمد ما ترفع صوتك ، فقلت بالإشارة يا سيدي أنا تائب إلى الله ، ففرج الله عني في الحين . وكان صاحب الترجمة فقيه المدينة مفتيها على مذهب مالك ، وكان إذا سئل عن المسألة يقول للسائل : هل سألت الشيخ أبا عبد الله بن فرحون ؟ - يعني والدي - فإن قال لا يقول له : اذهب واسأله ، وأخبرني بما يقول لك ، وإن قال : سألته ، يقول له : فماذا قال لك ؟ فإذا أخبره ، نظر ، فإن كان مما اتفقا عليه أمر السائل به ، وإن كان مخالفاً ما قال ، قال له : اذهب حتى أجتمع به ، فيجتمعان ويحرران المسألة ثم يأمران جميعاً السائل بما يتفقان عليه ، ولم يزالا كذلك حتى توفي الشيخ قبل والدي بمدة طويلة . وجاءت إلى السراج وظيفة التدريس بدرس سلار ، فكتب عن والدي وطلع إلى صاحب الترجمة ، وقال له : خذ هذه الوظيفة فدرس فيها ، فقال له يا سراج الدين وأين أنت عن الشيخ أبي عبد الله بن فرحون ؟ . والله إنه أعلم وأحق بها مني ، وامتنع منها حتى رجع إلى السراج يطلب لها والدي ، وكان ذلك منه لشيء حسن من وقوعه ، فوقع ما توقع والله غالب على أمره . وأخبرني الشيخ عمر الخراز : أنه حضر موته ، فكان يقرأ القرآن ، فلما فاضت روحه كان يقرأ آية في سورة يوسف انتهت قراءته إليها ، وهي قوله تعالى : " توفني مسلماً وألحقني بالصالحين " . وكان لي منه نصيب وافر ودعاء كثير ، أرجو من الله أن يحقق لي قبوله ، وذكره المجد فقال : كان من العباد المتكلمين والزهاد المتقللين ، والأولياء المحققين والأسخياء المتصدقين . أضر في أواخر عمره ، فعرض عليه الخدمة والقيام بنحو الطعام والإدام ، وما لا بد منه للضرير من طبخ أو ملء إبريق من البئر . فامتنع وأبى كل الإباء ولم يجعل بينه وبين الله سبباً ، باشر بنفسه خدمة نفسه فثبت الله لذلك قدمه ، وحفظه عن إخلال أعمال العميان وعصمه ، وسلك في طريقته أحسن المسالك ، وكان إليه مرجع الفتيا على مذهب مالك وتستنير بأنوار كراماته دياجير الحوالك ، وذكره ابن صالح في تاريخه ، وأنه مات بالمدينة ودفن بالبقيع ، وأنه كان بالمدرسة الشهابية . سليمان : أبو الربيع الونشريسشي ، قال ابن فرحون : إنه خلف إبراهيم العريان بالمدرسة الشيرازية ، وكان من أصحابنا الكبار له مجاهدة وتوجه عظيم ومكاشفة في كل حين ، ومتى شكى إليه من شدة الخوف اشتغل خاطره بتفريجها ، وأطلعه الله في المنام
424
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 424