نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 4
توجهت لبيان أحوال أهل طيبة المشار إليها ، والمخصوصة بالمزيد من الفضائل المنبه عليها ، لأحوز بركة المرتفع منهم وأفوز بتنزل الرحمة حيث ذكرتهم ولم أنصرف عنهم ، خصوصاً ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره ، والمرء مع حبيبه في حشره ونعيمه ونشره ، وإن لم يلحقه في عمله ، ولا رافقه في سلوكه وسبيله . وألحقت بهم من تخلف عن طريقهم ، ولم يتعرف ما أنعم الله به عليهم ، ولا تبعهم في توفيقهم ، بحيث يحمل ما نقل مما هو في أوائل تاريخ ابن عساكر عن عمرو بن العاص ، الحامد الشاكر ، حين سئل عن وصف أهل المدينة ؟ فقال : أطلب الناس لفتنة ، وأعجزهم عنها على من لعله من هؤلاء ممن فارق الوقار والسكينة . على أن الحجاج بن يوسف الثقفي ، سأل أبا سليمان أيوب بن زيد ابن القرية عن أهل الحجاز فأجابه بذلك بدون انحياز ، وقال عن المدينة رسخ العلم بها وظهر منها مما هو كذلك مع الضوء واليها ، وعن أهل مكة رجالها علماء جفاة ونساؤها كساة عراة . بل لم اقتصر على هؤلاء ، حيث ذكرت من قطنها من الغرباء ولو سنة ، بشرط أن يكون درس فيها أو حدث أو أفتى بالطريقة المرضية ، والسنة الواضحة الحسنة ، ليكون الأخذ عنهم أو من كانوا في طريقة بنيانهم على بصيرة ولا يفتقر إلى المسألة عنهم ، والكشف الذي قد لا يظفر معه بتلك الذخيرة . وقد ذكر الشمس بن صالح القائم بنشر العلم - مع الإرشاد بالخطب والمواعظ وبذل النصائح - التقي محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران الأخنائي ، مع عدم إقامة حديقة ولو احياءً ، أو بستاناً ، أو أنشأ بها للمعروف مكاناً . ولم ألتزم في المعمرين فمن بعدهم ، كونهم سكنوها فضلاً عن أنهم من أهلها ، بل ذكرت منهم من لم يطأ لحزنها وسهلها ، أو وطئها خدمة بزائد العزم والهمة ، كالجلال أبي الفوارس شاه شجاع ، والجواد الجمال الأصبهاني الرباني بلا نزاع ، والسلطان السعيد النور الشهيد ، وأضرابهم ممن شغف بإسداء الإحسان إلى قاطن تربتها ، وعرف بإسبال ذيل الامتنان إلى واطئي رحبتها ، اقتداء بالمجد صاحب هذه العبارة ، واهتداء بلباس من شمله السعد بما تضمنته الإشارة ، ورجاء أن يكون كتابي بذلك مشتملاً على الخصوص والعموم . وأن يصير كالبدر في التمام والبحر في الطموم . وكذا اتبعت التقي الفاسي الحافظ لما غيره له ناسي ، في ذكر جماعة من الأمراء والملوك ممن نص فيهم على إمرة الحرمين ولو لم يكن له بواحد منها سلوك . ولكن بدون استيعاب ، لانتشارها في الذكر والخطاب والإطالة بهم للكتاب ، بل ذكرت جمعاً ممن وصف بمفتي الحرمين أو قاضيهما أو شيخهما مع ما يطرق به من الاحتمال ، وتجويز ارتكاب المجاز في مجرد الوصف بذلك لفحول الرجال .
4
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 4