يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله " [1] فقال أبو بكر : هذا من حقها ، لا بد من القتال . فقال الناس لعمر : أخل به فكلمه لعله يرجع عن رأيه هذا ، فيقبل منهم الصلاة ، ويعفيهم من الزكاة ، فخلا به عمر نهاره أجمع ، فقال : والله لو منعوني عقالا [2] كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه ، ولو لم أجد أحدا أقاتلهم به لقاتلتهم وحدي ، حتى يحكم الله بيني وبينهم ، وهو خير الحاكمين ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أمرت أن أقاتل الناس على ثلاث : شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة " [3] فوالله الذي لا إله إلا هو لا أقصر دونهن ، فضرب منهم من أدبر بمن أقبل ، حتى دخل الناس في الإسلام طوعا وكرها . وحمدوا رأيه ، وعرفوا فضله . قال أبو رجاء العطاردي : رأيت الناس مجتمعين وعمر يقبل رأس أبي بكر ويقول : أنا فداؤك ، لولا أنت لهلكنا . فخمد له رأيه في قتال أهل الردة . مرض أبي بكر واستخلافه عمر رضي الله عنهما قال : ثم إن أبا بكر عمل سنتين وشهورا [4] ، ثم مرض مرضه الذي مات فيه ، فدخل عليه أناس من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ، فيهم عبد الرحمن بن عوف ، فقال له : كيف أصبحت يا خليفة رسول الله ، فإني أرجو أن تكون بارئا ؟ قال : أترى ذلك ؟ قال : نعم ، قال أبو بكر : والله إني لشديد الوجع ، ولما ألقى منكم يا معشر المهاجرين أشد علي من وجعي ، إني وليت
[1] الحديث أخرجه البخاري في الإيمان ( 17 ) ومسلم في الإيمان ( 34 و 36 ) والترمذي في الإيمان ( 1 ) وتفسير سورة ( 88 ) والنسائي في الجهاد ( 1 ) وابن ماجة في الفتن ( 1 ) وأحمد في مسنده من عدة طرق في ج 1 و 2 و 3 . [2] قال أبو عبيد في غريبه : " ويروى عناقا " وفي الفائق للزمخشري : وفيه : وروي : " لو منعوني جديا أذوط " . قال الكسائي : العقال صدقة عام . يقال : قد أخذ منهم عقال هذا العام إذا أخذت منهم صدقته . وقال الأصمعي : يقال : بعث فلان على عقال بني فلان : إذا بعث على صدقاتهم . ( وانظر النهاية لابن الأثير 3 / 118 . وغريب الهروي 2 / 3 - 4 ) . [3] متفق عليه أخرجه البخاري وابن ماجة وأحمد في مسنده . [4] كانت خلافته سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليال قاله في الطبري .