responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الشيري )    جلد : 1  صفحه : 216


وأرغب إليه في تولية أمره وكفاية همه ، فقد كنت أعرف من جميل رأي أمير المؤمنين في ، وحسن نظره في جميع الأشياء ما يؤكد الثقة ذلك والتوكل عليه ؟ منعني من البوح بما جمجمت في صدري له ، وتطلابه إليه ، فأضاع من أمري وترك من النظر في شأني ، وقد كان في حلمه ، وعلمه ، ورضائه ، ومعرفته ، بما يحق لمثله النظر فيه ، غير غافل عنه ، ولا تارك له ، مع ما يعلم من هيبتي له وخشيتي منه ، فالله يجزيه عني بإحسانه ، ويغفر له ما اجترح من عهده ونسيانه ، فقال الوصيف : وما ذلك جعلت فداك ؟ لا تلم على تضييعه إياك ، فإنك تعرف تفضيله لك ، وحرصه عليك ، وما يخامره من حبك ، وأن ليس شئ أحب إليه ، ولا آثر عنده منك لديه ، فاذكر بلاءه ، واشكر حباءه فإنك لا تبلغ من شكره إلا بعون من الله .
قال : فأطرق يزيد إطراقا عرف الوصيف منه ندامته على ما بدا منه ، وباح به ، فلما آب من عنده توجه نحو سدة معاوية ليلا وكان غير محجوب عنه ، ولا محبوس دونه ، فعلم معاوية أنه ما جاء به إلا خبر أراد إعلامه به . فقال له معاوية : ما وراءك ؟ وما جاء بك ؟ فقال : أصلح الله أمير المؤمنين ، كنت عند يزيد ابنك ، فقال فيما استجر من الكلام كذا وكذا ، فوثب معاوية وقال : ويحك ما أضعنا منه ؟ رحمة له ، وكراهية لما شجاه وخالف هواه ؟ وكان معاوية لا يعدل بما يرضيه شيئا . فقال : علي به ، وكان معاوية إذا أتت الأمور المشكلة المعضلة ، بعث إلى يزيد يستعين به على استيضاح شباتها واستسهال معضلاتها ، فلما جاءه الرسول قال : أجب أمير المؤمنين ، فحسب يزيد إنما دعاه إلى تلك الأمور التي يفزع إليه منها ، ويستعين برأيه عليها ، فأقبل حتى دخل عليه ، فسلم ثم جلس ، فقال معاوية : يا يزيد ما الذي أضعنا من أمرك ، وتركنا من الحيطة عليك ، وحسن النظر لك ، حيث قلت ما قلت ؟ ، وقد تعرف رحمتي بك ، ونظري في الأشياء التي تصلحك ، قبل أن تخطر على وهمك ، فكنت أظنك على تلك النعماء شاكرا ، فأصبحت بها كافرا ، إذ فرط من قولك ما ألزمتني فيه إضاعتي إياك ، وأوجبت علي منه التقصير ، لم يزجرك عن ذلك تخوف سخطي ، ولم يحجزك دون ذكره سالف نعمتي ، ولم يردعك عنه حق أبوتي ، فأي ولد أعق منك وأكيد ، وقد علمت أني تخطأت الناس كلهم في تقديمك ، ونزلتهم لتوليتي إياك ، ونصبتك إماما على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيهم من

216

نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الشيري )    جلد : 1  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست