علي ، فأخبروه فقال علي للأشعث [1] : اذهب إلى معاوية ، فقل له : إن الذي جئنا له غير الماء ، ولو سبقناك إليه لم نحل بينك وبينه ، فإن شئت خليت عن الماء ، وإن شئت تناجزنا عليه وتركنا ما جئنا له . فانطلق الأشعث إلى معاوية ، فقال له : إنك تمنعنا الماء وأيم الله لنشربنه ، فمرهم يكفوا عنه قبل أن نغلب عليه ، والله لا نموت عطشا وسيوفنا على رقابنا . فقال معاوية لأصحابه : ما ترون ؟ فقال رجل منهم [2] : نرى أن نقتلهم عطشا ، كما قتلوا عثمان ظلما . فقال عمرو بن العاص : لا تظن يا معاوية أن عليا يظمأ وأعنة الخيل بيده ، وهو ينظر إلى الفرات ، حتى يشرب أو يموت دونه ، خل عن القوم يشربوا . فقال معاوية : هذا والله أول الظفر ، لا سقاني الله من حوض الرسول إن شربوا منه ، حتى يغلبوني عليه . فقال عمرو : وهذا أول الجور ، أما تعلم أن فيهم العبد والأجير والضعيف ومن لا ذنب له ؟ لقد شجعت الجبان ، وحملت من لا يريد قتالك على قتالك . غلبة أصحاب علي على الماء قال : وذكروا أن معاوية لما غلب على الماء اغتم علي لما فيه الناس من العطش ، فخرج ليلا والناس يشكون بعضهم إلى بعض ، مخافة أن يغلب أهل الشام على الماء ، فقال الأشعث : يا أمير المؤمنين ، أيمنعنا القوم الماء وأنت فينا ومعنا السيوف ؟ خل عنا وعن القوم ، فوالله لا أرجع إليك حتى أرده ، أو أموت دونه ، وأمر الأشتر أن يعلو الفرات في الخيل ، حتى آمره بأمري . فقال علي : ذلك لك . فانصرف الأشعث ، فنادى في الناس : من كان يريد الماء فميعاده الصبح ، فإني ناهض إلى الماء ، فأجابه بشر كثير [3] ، فتقدم الأشعث في الرجالة ، والأشتر في الخيل ، حتى وقفا على الفرات ، فلم يزل الأشعث في الرجالة يمضي ، حتى خالط القوم ، ثم حسر عن رأسه ، فنادى : أنا الأشعث بن قيس ،
[1] في الأخبار الطوال وفتوح ابن الأعثم 3 / 1 أن عليا بعث شبث بن ربعي وصعصعة بن صوحان العبدي لمناقشة معاوية بشأن الوصول إلى الماء . [2] عند ابن الأثير 2 / 364 أن الوليد بن عقبة و عبد الله بن سعد بن أبي سرح هما من أشارا على معاوية بمنع الماء . وفي آخر الخبر يقول : وقد قيل إن الوليد وابن أبي سرح لم يشهدا صفين . ( الطبري 5 / 242 والأخبار الطوال ص 168 والإصابة ) . [3] أجابه نيف عن عشرة آلاف .