responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني )    جلد : 1  صفحه : 50


قد أذنت لك ، فكن من أمرك على ما بدا لك . فقام عمار فقال : معاذ الله يا مغيرة تقعد أعمى بعد أن كنت بصيرا . يغلبك من غلبته ، ويسبقك من سبقته ، أنظر ما ترى وما تفعل ، فأما أنا فلا أكون إلا في الرعيل الأول . فقال له المغيرة ، يا أبا اليقظان . إياك أن تكون كقاطع السلسلة : فر من الضحل [1] فوقع في الرمضاء [2] . فقال علي لعمار : دعه ، فإنه لن يأخذ من الآخرة إلا ما خالطته الدنيا ، أما والله يا مغيرة إنها المثوبة المؤدية ، تؤدي من قام فيها إلى الجنة ، ولما اختار بعدها ، فإذا غشيناك فنم في بيتك . فقال المغيرة : أنت والله يا أمير المؤمنين أعلم مني ، ولئن لم أقاتل معك لا أعين عليك ، فإن يكن ما فعلت صوابا فإياه أردت ، وإن يكن خطأ فمنه نجوت ، ولي ذنوب كثيرة ، لا قبل لي بها إلا الاستغفار منها .
خطبة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال : وذكروا أن البيعة لما تمت بالمدينة ، خرج علي إلى المسجد الشريف ، فصعد المنبر ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، ووعد الناس من نفسه خيرا ، وتألفهم جهده ، ثم قال : لا يستغني الرجل وإن كان ذا مال وولد عن عشيرته ، ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم . هم أعظم الناس حيطة من ورائه ، وإليهم سعيه وأعطفهم عليه إن أصابته مصيبة ، أو نزل به بعض مكاره الأمور ، ومن يقبض يده عن عشيرته فإنه يقبض عنهم يدا واحدة ، وتقبض عنه أيد كثيرة ، ومن بسط يده بالمعروف ابتغاء وجه الله تعالى ، يخلف الله له ما أنفق في دنياه ، ويضاعف له في آخرته ، واعلموا أن لسان صدق يجعله الله للمرء في الناس ، خير له من المال ، فلا يزدادن أحدكم كبرياء ، ولا عظمة في نفسه ، ولا يغفل أحدكم عن القرابة أن يصلها ، بالذي لا يزيده إن أمسكه ، ولا ينقصه إن أهلكه . واعلموا أن الدنيا قد أدبرت ، والآخرة قد أقبلت ، ألا وإن المضمار [3] اليوم ، والسبق [4] غدا . ألا وإن السبقة [5] الجنة . والغاية النار ، ألا إن الأمل يشهي القلب ، ويكذب الوعد ، ويأتي بغفلة ، ويورث حسرة فهو غرور ، وصاحبه في عناء ، فافزعوا إلى قوام دينكم ، وإتمام صلاتكم ، وأداء زكاتكم ، والنصيحة لإمامكم ، وتعلموا كتاب الله ، واصدقوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأوفوا



[1] الضحل : الماء القليل .
[2] الرمضاء : الأرض الشديدة الحرارة .
[3] المضمار : مكان السباق .
[4] السبق : السباق .
[5] السبقة بضم السين وسكون الباء : ما يتسابق عليه .

50

نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني )    جلد : 1  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست