منها : وجود آيات - قد أشرنا إليها وهي التي ذكرنا أنها دالة على الثقلين ومعيتهما على الاطلاق وغيرها - وطوائف روايات عدة دالة على أنهم المخاطبون بالقرآن وهم القادرون على فهمه وتأويله ، والظاهر من عموم الأدلة أنه لا يمكن الاستبداد دونهم والانفراد في فهم القرآن . منها : أن معجزة الرسالة المحمدية ليس هو القرآن وحده والذي يظهر من النصوص - سواء من حديث الثقلين وغيره - أن مقام النبي الخاتم فوق مقام القرآن ، فهو كما ذكرنا المبدأ لهما بمقتضى أنه ( صلى الله عليه وآله ) أسند وجود الثقلين في الأمة إلى نفسه الشريفة « إني تارك » فهو بمنزلة المصدر لاعتبارهما ، وهو المنتهى باعتبار « يردا علي الحوض » . بل أحد وجوه حجية القرآن هي صفات الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآن غَيْرِ هذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْم عَظِيم قُل لوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فُيكُمْ عُمُراً مِن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) [1] ( أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنِكِرُونَ ) [2] فأمانته وصدقه ووثاقته كانت بدرجة عالية فائقة تضاهي أمانة وصدق ووثوق المعجزة في الدلالة على كون القرآن من الباري تعالى ، وقد لبث فيهم عمرا لم يأتهم بشئ لأنه لم يأته من تلقاء نفسه ، وهذه كلها من الموثقات على ان القرآن من عند الله ، والتاريخ ينقل لنا ان الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) سأل المشركين : أنه لو أخبرتكم ان العدو وراءكم وراء هذا الجبل أكنتم تصدقوني ؟ قالوا : بلى إنك الصادق الأمين ، إذن نفس حجية الكتاب من نفس قطع المشركين بصدقه وأمانته ، وما رأوا من بقية معجزاته ، لكنه العناد