ومثلاته ، واتعظوا بمثاوى خدودهم ، ومصارع جنوبهم . . فلو رخص الله في الكبر لأحد من عباده لرخص فيه لخاصة أنبيائه ، ولكنه سبحانه كره إليهم التكابر . . . فإن الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في أنفسهم ، بأوليائه المستضعفين في أعينهم ، ولقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون - صلى الله عليهما على فرعون وعليهما مد ارع الصوف وبأيديهما العصي . . . ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ، ومعادن العقيان . . . ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحلت الإنباء ولما وجب للقابلين أجور المبتلين ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين ولا لزمت الأسماء معانيها ولكن الله سبحانه جعل رسله أولي قوة في عزائمهم وضعفا فيما ترى العين من حالاتهم مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى ، وخصاصة تملأ الابصار والأسماع أذى . وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل ) . فيستعرض ( عليه السلام ) استكبار الأمم الماضية وكيف آل مصيرهم ، ومن المعلوم أن أكثر استكبارهم كان على أنبياء الله حجه استصغارا لهم ، وهو عين الاستكبار والجحود الإبليسي ، ثم وصف ( عليه السلام ) حالة موسى وهارون عند دخولهما على فرعون من حالة التواضع والمسكنة زيادة امتحان الله لفرعون إذ لو بعث الله أنبياءه بالقدرة المهيبة والسطوة الشديدة لسقط البلاء وبطل الجزاء ولكان الإيمان عن خوف القوة أو رغبة فيها لدبّ الشرك في النيات ، ولكان التسليم ليس لله تعالى وحده ، فمن ثم يظهر وجه التناسب الطردي بين شدة الامتحان وشدة الخلوص في التوحيد ، وهذا يتجلى بوضوح في رسل الله تعالى وخلفائه حيث انه تعالى أراد أن يكون الاتباع لرسله والاستكانة لأمره له خاصة أي التذلل له تعالى في كل من التابع وهم البشر والمتبوع وهم الرسل والحجج ، فيصفى الأمر عن أي كبر وادعاء استقلالية في البين