يذكر صفة أخرى لها صلة بما تقدم ( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِمَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ) . فالفئة المؤمنة هي التي رجعت مع الرسول الأكرم ، وعندما جاء النداء مرة أخرى بأمر الله لرسوله بالخروج في أثر القوم وأن لا يخرج معه إلا من به جراحة ، فنادى مناد : يا معشر المهاجرين والأنصار مَن كانت به جراحة فليخرج به ومن لم يكن به جراحة فليقم فأقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداونها ، فخرجوا على ما بهم من الألم والجراح . فلمّا بلغ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) حمراء الأسد ، وقريش قد نزلت الروحاء قال عكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد : نرجع ونغير على المدينة قد قتلنا سراتهم وكبشهم يعني حمزة ، فوافاهم رجل خرج من المدينة فسألوه الخبر فقال : نزل محمد وأصحابه في حمراء الأسد يطلبونكم جد الطلب . فرجعوا إلى مكة وسميت بغزوة بدر الصغرى . وهذا الاستعراض الطويل للآيات الكريمة 121 - 174 خير شاهد على ما جرى ودار في هذه الغزوة التي تدل على حنكة الرسول الأكرم في استخبار نيات القوم ومعرفة المنافقين وما يسعون اليه من تثبيط عزيمة المسلمين ، كما اتضح من ذلك أن الخروج كان هو الحل الأمثل وان المنافقين أرادوا الايقاع بالمسلمين من خلال البقاء في المدينة والتكاسل عن الخروج والجهاد في سبيل الله . وأخيراً نشير إلى رواية أن الرسول قال بعد نزول الآية : أما أن الله ورسوله لغنيان عنها ، ولكن جعلها الله رحمة لأمتي ، من استشارهم لم يعدم رشداً ، ومن تركها لم يُعدم غياً » [1] . ثانياً : غزوة الخندق فقد استدل بها على الشورى والزاميتها في موطنين ، الأول :