2 - تجسم الاعمال : وهي قاعدة مهمة نقحها بوضوح فائق فلاسفة الامامية مسترشدين بالروايات الواردة في ذلك ومؤداها ان تكرار الفعل يولد ملكات أما حسنة نورانية أو ملكات رديئة ، وكلما ازدادت ترسخت في النفس أكثر حتى تصبح جوهرية ، ومن هنا قالوا ان الإنسان ليس هو النوع الأخير بل يتلبس بعد الصورة الإنسانية بصورة وفعل أما ملكي أو شيطاني أو بهيمي أو سبعي . وهكذا وفي كل نوع هناك شعب أخرى . بيان ذلك : ان الإنسان في سعيه نحو الكمال انما يبتغي ان يحصل على ما له ثبات ، الكمال العرضي يكون في معرض الزوال فتعود حاله إلى ما كانت عليه قبل تحصيله . فهو يسعى لأن يحصل على كمال ذاتي يكون بنحو جوهري لا يكون معرضا للزوال ، وبهذا يتكامل ويصعد في سُلّم الكمالات ويثبت عند كل درجة ، ويحصل هذا التغيير الجوهري عن طريق الافعال المؤدية للكمال حيث يحدث الفعل - عند تكراره والمواظبة عليه - حالات في النفس تنتقل إلى هيئات ثم تتنقل إلى ملكات فتشتد حتى تصل وتصبح فصولا جوهرية . بالإضافة إلى ذلك فإن البدن يكون بشكل يتناسب مع القوة التي يتملكها الإنسان وغيره ، فمثلاً في الذئب الهيئة الجسمانية لها تناسب مع القوة التي يمتلكها ، ودلت الروايات على ان الأجسام الأخروية هيئتها تابعة للفصول الجوهرية التي يتكامل بها الإنسان أو يتناقص . أما تطبيق القاعدة على ما نحن فيه ، فهو أن موارد الحكم بالحسن هي نفسها في موارد الفضائل والكمالات ، حيث يتبين إنها توجب تجسم تلك الأعمال بصورة نورانية ، وموارد الحكم بالقبح هي نفسها موارد النقص التي تتجسم بصور رديئة ظلمانية ، فيظهر من ذلك ان الحكم بالحسن والقبح ليس اعتبارياً بل أمراً عقلي له من مناشئ تكوينية .